زهرة الياسمين
بقلم إشراق عرفة ذهبت سلوى إلى التلة لتلعب وتمرح. فهذا أسعد يوم في حياتها. فقد مضى وقت طويل قبل أن تزور خالتها. فوالدتها أصبحت مشغولة في كل الأوقات بعد أن حصلت على الوظيفة الجديدة. ولم يكن هناك مجال لزيارة خالتها باستمرار. ولكن سلوى لا تنسى أبدا متعة اللعب في الطبيعة التي تفتقدها في المدينة. ... وبينما كانت سلوى تركض بين الحقول نادتها زهرة الياسمين: سلوى. تعالي يا سلوى. لقد اشتقت إليك كثيرا. التفتت سلوى بين الأزهار لتجدها، ثم قالت: كيف حالك يا ياسمين. لقد اشتقت إليك أنا أيضا. - أين كنت يا سلوى؟ - لقد انتقلنا إلى المدينة. فوالدتي حصلت فيها على وظيفة جديدة. - أحقا؟ وكيف هي المدينة؟ - إنها مليئة بالشوارع والأنوار. وفيها الكثير من السيارات والأبنية. - وهل هي جميلة يا سلوى؟ - إنها جديدة! - كم أرغب برؤيتها. - أحقا ترغبين بذلك؟ - نعم يا سلوى. لقد مللت من الهواء والشمس والقمر. أريد أن أعيش في بناية وأن انظر إلى الشوارع والسيارات. - حسنا بإمكاني اصطحابك معنا يا أجمل زهرة. قطفت سلوى الزهرة وعادت بها إلى منزل خالتها. ثم وضعتها في كأس ماء. وعند المساء وقبل أن تغادر مع أمها أخذت الزهرة معها. وفي الشقة العالية وضعت سلوى زهرة الياسمين في وعاء بالقرب من النافذة، لتتمكن من الاستمتاع بما يحصل في الخارج. كانت الياسمين سعيدة جدا في مكانها الجديد. وأخذت تراقب بكل حماس أجواء المدينة في النهار والليل. وبعد مرور عدة أيام، بدأت الزهرة تذبل. قلقت عليها سلوى، فسألتها: ما بالك يا ياسمين؟ لماذا يبدو عليك الحزن؟ - إنني مشتاقة إلى الشمس والقمر والهواء. وإلى رفيقاتي من الأزهار. وإلى الحرية في الخلاء، وإلى تغريد العصافير وقطرات الأمطار. أتمنى العودة إلى بلدتي الصغيرة. نظرت إليها سلوى بألم وقالت: لا تحزني يا زهرة. سأعيدك إلى بلدتك عند زيارتنا التالية لخالتي. ابتسمت الزهرة وظهر بعضا من الانتعاش في عينيها. وفي صباح أحد الأيام، ذهبت سلوى عند الشباك فرحة متحمسة: زهرتي يا زهرتي. ولكن زهرة الياسمين لم تستجب لسلوى. فنادت عليها ونادت، ولكن لم تستفق الزهرة. صرخت سلوى قائلة: إنه وقت لقاء الأحبة، إنه وقت الرجوع إلى موطنك. أفيقي يا زهرتي. ولكن بقي رأس الزهرة منسدلا ولم ترفعه قط. The Magic Loaf
By Ishraq Arafeh 'Daddy, where are you going?' 'Sweetheart, I need to go out for a while. Don't worry, I'll come back!’ The daughter returned to her room. There is still a math homework to do. She dressed her face with a sad look and told herself:' Papa has lost his last job. I wonder where he went at this time in holiday.’ ‘Honey, wake up darling’, the daughter raised her head and looked at her father with half open eyes. She has slept over her homework. Her father continued: ‘Come on, I bought shoes for you. The daughter said with her eyes wide open now: ‘Really? This is amazing’. ‘How did you get the money for these shoes Daddy?’ The girl asked him after trying her new shoes on. The father said:’ there is a little story behind it darling. You know that I have been praying all the time for Allah to make our situation better and to buy you a new pair of shoes, but I realized that I did not use my magic loaf.’ ‘What magic loaf Dad?’Her father smiled and said: ‘In Islam, you need to make Sadaqa, it is giving away something that you have to the poor. It can be anything as long as it is usable, like food, cloths, and any amount of money.’ The girl nodded her head; she remembers her Saqa lesson at school.‘So, I took my loaf and went outside looking for anyone in my way who may need some food. After a while walking in the streets, I saw an old man sitting on the side of the station. I came closer and once he saw me, he asked me if I have anything for him to eat. I gave him the loaf. Once he took it, a strange man passed by us asking me if I could show him the way to the motel. He was generous and paid me enough money to buy you these shoes. After kissing her father good night, the girl stuffed herself under her bed sheets. She thought about the magic of giving good things to the poor. Then, she said: ‘After praying the Fajr, I will look into my stuff to find something good for the poor.’ محكمة الذئاب بقلم إشراق عرفة اجتمعت الذئاب متهمة السنجاب بسرقة طعامها وبقتلها لحارس الطاحون. وفي التفاصيل، كان هناك تكرار لحادثة السرقة خلال الشهر الماضي، حيث كانت تجد الذئاب أن ما جمعته من فاكهة وحبوب وجبن ولحوم قد اختفى. ولم يشك الذئاب بأي واحد منهم، فهم معا في كل اﻷوقات. وبقي لغز السرقة أمرا محيرا إلى حين حصول جريمة قتل. فقد وجدوا جثة حارس الطاحون صباح أمس مقتولا بسكين، وجيوبه مفرغة من الحبوب. وهنا بدأت الذئاب تتحرى عن الفاعل. فبدأت باستجواب كل الحيوانات والطيور، ولكن لم يظهر هناك أي دليل إدانة ﻷي منها. فاقترح أحد الذئاب بمراقبة ما يأكله سكان الغابة، لعلهم بذلك يهتدون إلى اللص والقاتل المجرم. وفعلا بدأت الذئاب تتعاون فيما بينها لإنجاز المهمة. وكان هناك ثعلبا قد استرق السمع لاجتماعهم وعلم بمخطط الذئاب. فكتب بضع كلمات على ورقة وثبتها بحجر على الأرض. ثم غرس غصنا عليه علم أحمر. واختبأ خلف إحدى الأشجار منتظرا. وبعد فترة من الزمن مر ذئب وانتبه إلى العلم اﻷحمر، فاقترب ورأى الورقة فالتقطها وفتحها. وما إن قرأها، حتى هرع إلى كبير الذئاب. ضحك الثعلب وغادر المكان. وهكذا اجتمعت الذئاب بعدها متهمة للسنجاب بجريمتي القتل والسرقة. وحضرت المحكمة القردة والطيور والزواحف. وقف السنجاب في منتصف الساحة وحيدا ومذهولا مما سمعه من لائحة الاتهام وكاد أن يغشى عليه. وحينما فرغ كبير الذئاب من توجيه الاتهام سأل السنجاب: ألديك ما تريد قوله دفاعا عن نفسك؟ أجاب السنجاب بصوت متقطع: أنا بريء..أنا بريء..لا أعلم ما الذي جعلكم تصدقون بأني الفاعل.. إني سنجاب وديع لا أؤذي أحدا .. ولم يشتكي مني أي أحد..وأنا..وأنا..من المستحيل أن أسرق أو أن أقتل. وانهمر في البكاء. وكان حشد المحكمة ينظرون إليه متأسفين، فقد أظهر كبير الذئاب دليل لا يقبل النقد؛ آثار دماء على حبوب مخبأة في بيت السنجاب، وبقايا لفاكهة ولحوم. ولكن ما لم يعلمه أحد، هو وجود شاهد قد رأى الحقيقة، ولكنها كانت مريضة، فلم تتمكن من الحضور. وغفل أهل الغابة عن غياب الحمامة لانشغالهم بتفاصيل المحاكمة. قال كبير الذئاب بعد أن تشاور مع هيئة المحلفين والمكونة من الثعابين: إن قولك هذا لا يكفي. نحتاج إلى دليل لبرائتك وإلا فإنك ستشهد حكما ليس في صالحك، وهو السجن المؤبد مع اﻷشغال الشاقة. ولذلك سنمهلك ساعة واحدة فقط لاثبات برائتك وتبدأ من الآن. ونرفع الجلسة لاستراحة الغداء ونعود بعد ساعة. لم تساعد كلماته السنجاب المسكين. وبقي وحيدا في ساحة المحكمة والمحيطة بمختلف اﻷشجار. وجلس يفكر محتارا والدموع تنهمر على وجنتيه. فهو لا يصدق ما يحصل. كيف وهو السنجاب المحبوب من الجميع، ومن أين له الدليل على برائته. وأصبح يسأل نفسه: كيف لم يدافع عن سمعته أي أحد؟ لماذا بقيت الحشود متجمدة لا تلقي بالا لاتهامه بهذا اﻷمر الفظيع؟ كم هو مؤسف أن يترك المرء هكذا وفي أحلك الظروف. إنهم أسوأ من الذئاب..إنهم أسوأ من الذئاب..جميعهم خونة خونة. في هذه اﻷثناء، انتبهت فراشة إلى غياب الحمامة. فسألت عنها فعلمت أنها مريضة. فذهبت الفراشة لتزورها. وكانت الحمامة مستلقية على العش والتعب والإرهاق باد عليها. فسألتها الفراشة: ما بالك يا حمامة، ولماذا يظهر عليك التعب والإعياء؟ قالت الحمامة: في اﻷمس شهدت يوما حافلا، ولكن لا أدري ماذا حصل لي. شعرت بتوعك فجأة. فقالت الفراشة: لقد فاتك يوم حافل آخر. قالت الحمامة: ما الذي تقصدينه يا فراشة؟ فقالت مجيبة: لقد عقدت الذئاب محاكمة واتهموا السنجاب بالجريمة، وأمهلوه ساعة فقط لإثبات برائته. انتفضت الحمامة وقالت: متى حصل ذلك؟ نظرت الفراشة إلى الشمس ثم قالت: يبدو أنه لم يبق سوى 5 دقائق على انتهاء فترة الاستراحة. فأسرعت الحمامة تطير مبتعدة، ومع اقترابها وجدت حشدا كبيرا على ساحة المحكمة. فاقتربت ووقفت معهم لتجد السنجاب منتحرا وقد خط على الأرض جملة: أنا بريء من محكمة الذئاب! الجبل والعصفور
بقلم إشراق عرفة حلق العصفور مزقزقا فرحة وسعادة حول الجبل. فنظر إليه وقال للعصفور: ما أجمل زقزقتك. كم أتمنى أن اتحرر من هذه الأرض وأطير مثلك مسافرا عبر الأراضي ومختلف الغابات والوديان. فأجابه العصفور: أترغب حقا بأن تصبح عصفورا؟ فأجاب الجبل: بالتأكيد. فقال: إنني أعرف غرابا له قدرات سحرية. ويمكنه تحقيق الأمنيات. سأسأله مساعدتك.... طار العصفور مبتعدا عن الجبل. وجاء بعد فترة بالغراب. نظر الغراب إلى الجبل وقال له: أانت من تريد أن تصبح عصفورا؟ فأجابه: نعم. فقال الغراب: حسنا. يمكنني أن أحولك إلى عصفور ولكنك لن تتمكن من العودة إلى ما كنت عليه. أي ستبقى عصفورا. فقال الجبل: وهل هناك من يتمنى القيد بعد التحرر؟ بالتأكيد لن أسالك أن تعيدني سيرتي الأولى. فقال الغراب: حسن إذن. لقد نبهتك ولك ما تتمنى. تحول الجبل إلى عصفور وانطلق يرفرف مع صديقه وكله سعادة وفرحة. واستمرت نشوته سويعات وشعر بألم الجوع، وحينما بدأت الشمس بالغروب، ناداه العصفور قائلا: هيا يا صديقي الجديد، لقد حان وقت النوم والاختباء. استغرب وقال: وهل العصافير تنام؟ ومما تختبئ؟ فرد عليه: يا صديقي هناك أهوال في السماء تنتشر عندما يسدل الليل ظلاله، ونحن العصافير وجبة دسمة للكثير منها.فإن بقيت خارجا سيقتلك حتما أحد الكواسر. كما أننا ننام باكرا لنرتاح بعد سعي طويل للمأكل والمشرب. استغرب العصفور الجديد، فهو أبدا لا يعرف الخوف أو الرهبة أو حتى الجوع والتعب. وحينها أدرك تحذير الغراب له. وبينما هو بالتفكير في ألم بطنه إذ هم وطواط يريده قتيلا فجذبه صديقه بسرعة واختبئا داخل شجرة. وحينها قال: . . . كن قنوعا بما تملك واشكر الله تميزك عن غيرك كنت جبلا صامدا لا يهاب وشامخا لا يعرف التعب ولا النعاس وأضحيت عصفورا يجوع ويهرب ويتحرى النوم والاختباء فلا يغرنك ما لدى غيرك فكل يملك فضلا من عند ربك الغريب
بقلم إشراق عرفة تخاصم أخّان ساذجان على قطعة أرض ورثوها من أبيهما. ولم يرض أي واحد منهما بطريقة تقسيم كل منهما للآخر. فكلاهما يريدان القطعة القريبة من البئر. فأرادا أن يحتكمان إلى غريب مرّ بهما. فرّحب الغريب بذلك واطلع على الأرض المتخاصمة وسال لعابه. ثم قال: أريد أن أجلس مع كل واحد منكما على انفراد. وبذلك سأستطيع الحكم بينكما، فوافق الأخّان. راح الغريب عند الأول، وقال له: إن الأرض جرداء ولن تصلح لأي شيء، وبرأيي أن تعرض بيع حصتك إلى أخيك لتشتري بها قطعة أرض أخرى أفضل منها حالا. فأجابه: ولكن لا خبرة عندي في الأراضي. فقال الغريب متهللا: أنا سأعطيك قطعة متميزة من عندي. ففرح ووافق سريعا على عرضه. وجاء دور الأخ الثاني. فقال له الغريب بعد أن انفرد به: إن البئر القريبة فيها مواد سامة ستهلك أي زرع. أنصحك ببيع حصتك لي، واشتري بسعرها بقرة حلوب تستفيد منها. فأجابه: ولكن ليس عندي خبرة في الأبقار. فقال الغريب متهللا: أنا سأعطيك بقرة من عند صديقي. فهو يملك أفضلها. فرح الأخ الثاني ووافق سريعا على عرضه. ومرت الأيام ليكتشف الأخ الأول امتلاء أرضه التي اشتراها من الغريب بالأفاعي السامة، وأن البقرة هرمة لا تعطي ما يكفي من الحليب لبيعه، فخسر بها الأخ الثاني. أمّا الغريب، فقد تمكّن من حفر بئر ماء في أرض الأخوين. واشترى بقية أراضي البلدة بمائها وبأبقار صديقه الهرمة. سأرجع يوما ما
بقلم إشراق عرفة ودعها قائلا لها: سأرجع لا تقلقي. قالت: أنا خائفة. أريدك أن تبقى.... قال: لن يطول انتظارك لي. فأنا أغادر من دون حاجياتي. تاركا ممتلكاتي وحقولي. وهذا دليل على أن عودتي قريبة. قالت: أنا جميلة. عيناي زرقاوان ويداي مخضبتان بالحنة وثوبي أخضر مزركش بالأزهار ووجهي مبارك، وشعري يتلألأ تحت الشمس يزينه الخرز الأخضر. وألبس حلي من الأحجار الكريمة. بغيابك سيطمع فيي الطامعون. قال: هي رحلة قصيرة. فأنا لن أعرف مثلك في أي مكان، ولن تغيبي عن بالي ولا عن فكري، وفي قلبي دوما أنت موجودة. قالت والألم يعتصر قلبها والدموع في عينيها تتساقط كالمطر الحزين على ثوبها: أرجوك. أحتاجك الآن إلى جانبي أكثر من أي وقت آخر. قال: لا تقلقي. لن تكوني وحيدة. أنت بين الأوصياء وهناك ضيوف سيواسونك أثناء غيابي. قالت: إنهم يريدون شرا بي. لم يحبوني يوما. قال: أنت تبالغين خوفا من عدم عودتي. فقط ابتهلي دوما على أن تكون عودتي سريعة. وغادر تاركا إياها مع أجمل الذكريات وأغلى الممتلكات. وطال انتظارها له. وامتدت غربته سنة سنتان عشرة عشرتان. وسكنوا الضيوف منزله وتمتعوا بكل ما فيه وبما يحيط به. واستغل الأوصياء بعده عنها فاغتصبوها وغيروا من ملامحها، وسرقوا حليها ومزقوا ثوبها وقطعوا شعرها، واستبدل الدماء بالحناء. ولم يبقى منها سوى اسمها الذي فقد من ذاكرة كثير من الناس. أما هو، فلم يعرف عنه أي أحد |