بعد أن تمر بضع سنوات أو حتى بضعة شهور على الزواج، تبدأ العلاقة بين الكثير من الأزواج في الفتور تدريجياً، ولأسباب كثيرة. ويعدّ إنجاب الأطفال ورعايتهم من الأسباب الرئيسة لبرودة العلاقة بين الزوجين؛ وذلك حينما تقتصر على توفير ما يحتاجه الأطفال، فيتضاءل الوقت الخاص بينهما مسبباً الحرمان العاطفي والجسدي لكل منهما، وقد يصل أحياناً إلى درجة تدفع أحدهما إلى خيانة الآخر. وهذا ما أدركه كلٌّ من دوغلاس براون وزوجته آني، اللذين لديهما طفلتان ومتزوجان منذ أكثر من 10 أعوام. إذ اتفقا على العمل معا لإعادة الحميمية لعلاقتهما خلال مئة يوم بعد أن وجدا نفسيهما عالقين في روتين العمل وتلبية احتياجات الطفلتين فقط.
ويندهش القارئ لقصتهما بمدى جديتهما في مشروعهما من خلال التخطيط له والالتزام به والتعاون فيما بينهما لإنجاحه، ما كان له الأثر على سعادتهما وسعادة ابنتيهما. إذ قام الزوجان بتوثيق تجربتهما في كتاب نشراه عام 2008 تحت اسم «Just Do It» أو «فقط افعلاها». وهي تجربة حقيقية عاشاها واكتشفا من خلالها أسس السعادة الزوجية في كل يوم تقريباً. فهو كتاب تطبيقي بامتياز يمكن لأي زوجين عيش ذات التجربة. وبهذا المقال أقدم لكم ملخّص تجربتهما هذه: فبحسب الكتاب، على كلا الطرفين العمل معاً لإعادة الحميمية إلى العلاقة الزوجية، لا أن يقتصر الأمر على طرف دون آخر. كما بيّن أن مهمة إعادة الحميمية إلى العلاقة الزوجية أكبر على الزوج منها على الزوجة. وهنا أستذكر وصية الرسول صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيراً». فمثلاً، تم توزيع المهام فيما بينهما حول رعاية الأطفال وإدارة شؤون المنزل، لا أن يقتصر ذلك على الزوجة فقط، وذلك حتى تتمكن من إيجاد وقت خاص بها للاسترخاء والراحة، كممارسة اليوغا أو لتطوير مهاراتها كحضور دورات مهنية وخلافه. ثم قام الزوج بتخصيص وقت أكثر لزوجته، من خلال اصطحابها إلى رحلات برية، والتخييم وشرب القهوة وحدهما خارجاً، وحتى بقضاء بضع ليال في مختلف الفنادق الصغيرة لتجديد العلاقة بينهما. وكانا يتركان طفلتيهما في ذلك الوقت مع مربية استأجراها لذلك الغرض. حتى أنه اصطحب زوجته للسفر معه إلى إحدى المؤتمرات الخاصة بعمله ولثلاثة أيام في ولاية أخرى لتجديد علاقتهما، وهنا لجآ إلى مساعدة الجد والجدة للعناية بالطفلتين. ثم عمل الزوج على تحسين مستوى التعبير عن حبه لزوجته، من خلال المرور بالمنزل من حين لآخر أثناء العمل لسؤالها عن أحوالها أو لإهدائها وردة مفاجئة. كما كان يقبلها ويضمها بشكل مفاجئ من وقت لآخر، مما كان له الأثر في إسعادها. وزاد من وقت التحدث معها ومناقشتها بمختلف الأمور الحياتية، ودعم أفكارها. كما شجعها على مختلف خططها المهنية والخاصة. وأكد باستمرار في الكتاب أن أساس نجاح العلاقة هو المصارحة والنقاش بين الزوجين. وهذا ما لاحظته بانتشار المشاكل التي تسأل القراء الحلول على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي. فمعظمها ناتج عن عدم مصارحة الشريك بما يحب وبما يكره، ظناً أن على الطرف الآخر اكتشاف ذلك بنفسه! كما شاركها في ممارسة الرياضة التي تحبها، ما كان له الأثر في إبهاجها. وهنا أستذكر قيام الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالتسابق مع عائشة (رضي الله عنها). ثم بدأ بعمل ما تحبه من شراء مختلف الهدايا لها من وقت لآخر والاهتمام بعيد ميلادها كما تحب، وبتحضير وجباتها المفضلة. وزاد اهتمامه بلباسه وبصحته وبشكل جسده وبرائحته لأجلها. وهذا من سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم). إذ حينما سُئلت عائشة (رضي الله عنها) بأي شيء كان النبي يبدأ إذا دخل بيته، قالت بالسواك، وكان يدهن شعره ويرجّله، ويقول: «من كان له شعر فليكرمه». وقال عبدالله بن عباس (رضي الله عنه): «أحب أن أتزين لزوجتي كما تتزين لي». فالمرأة تحب الرجل الحسن الهيئة والملبس. أما هي فقد قامت بزيادة الاهتمام بلبسها وزينتها ونظافتها. وبدأت بمبادرة إهدائه ما يحتاج بحسب ملاحظتها. فكان لتبادل الهدايا بينهما الأثر الكبير في إحياء الحميمية بينهما من بعد المصارحة والتحدّث. وقد بيّن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أثر الهدية بقوله الشريف: «تهادوا تحابوا». كما عملت على تحويل غرفة النوم إلى مكان دافئ وجميل، حيث قامت بتجديد مفارش السرير وتغيير الإضاءة وإشعال الشموع المعطرة كل ليلة. ولم ينسَ الزوجان مشاركة طفلتيهما سعادتهما، وذلك من خلال إشراكهما في بعض الأنشطة الخاصة، مشثل اصطحابهما للتزلج، وقضاء ليلة في غرفة فندقية والاستمتاع بمرافقه من مسبح وملعب، إضافة إلى الرحلات البرية. وظهرت نتائج ما قاما به قبل انتهاء مدة المشروع؛ أي الـ100 يوم. فقد شعر كلاهما بصحة أفضل وسعادة أكبر. كما عبّرت الزوجة عن مدى شعورها بالقرب من زوجها والراحة معه والثقة به، والأمان معه لتفصح له بشكل أكبر عن مختلف مشاعرها وأفكارها، وحتى مشاركته تفاصيل يومها، فأضحى صديقاً مفضلاً لها إلى جانب كونه زوجها. كما وجدت في نفسها نشاطاً أكبر لرعاية البنتين وخدمتهما، وفي تطوير مهاراتها في الطبخ وتحضير ما تهواه الأسرة من مختلف الأطباق وترتيب المنزل. أما هو فقد بيّن شعوره بالقرب أكثر من زوجته، وبزيادة حبّه لها وتقديره لما تفعله. كما أدرك أهمية مشاركتها مسؤولية رعاية الأطفال والمنزل، كونه كان يشعر دوماً بالإنهاك عندما يأتي دوره في رعاية الأطفال حين تكون في وقتها الخاص. وبذلك يمكن لأي زوجين تبني ذات التجربة. بل وتعديلها بما يناسب ثقافتهما وظروفهما، لتسود الحميمية بين الأزواج في مختلف فئات المجتمع، خاصة أن الأسرة نواته، وسعادة المجتمع من سعادة الأسرة. بالنهاية، حميمية العلاقة الزوجية هي أساس نشأة الأبناء. وكما قال أحدهم: «جاءت لذة الحميمية لتعين الزوجين على تكاليف إنشاء ورعاية أطفالهما. ومتى فترت تلك العلاقة لن يعاني الزوجان فقط نتيجة ذلك، وإنما سيؤثر سلباً على جودة رعايتهما للأطفال ومنها إلى صحة وسلامة المجتمع». الرابط: https://arabicpost.net/opinions/2018/09/12/%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B2%D9%88%D8%AC%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%82%D8%B7-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%B9%D9%84/ بقلم إشراق كمال عرفة
مع تطوّر نمو الطفل بشكل كافٍ لينفصل عن ذويه بذهابه إلى المدرسة، تأتيه أولى تعليمات السلامة حول عدم التكلّم مع الغرباء أو الاستجابة لأي أحد؛ وذلك خوفاً عليه من استغلال براءته من قِبل أحدهم والإضرار به. ولكن مع تطوّر تقنية الإنترنت وانفتاح العالم بعضه على بعض، أصبحت هذه النصيحة ضرورية داخل المنزل أيضاً، ولبقية الفئات العمرية. فلم يعد يقتصر وجود الغرباء في الشارع، وإنما أصبحوا قادرين، من خلال الإنترنت، على الوجود داخل أي منزل واستهداف أي مستخدم من أية فئة عمرية، وبطرق متنوعة تستغل حاجاته واهتماماته المختلفة، مما يسبب له ضرراً لا يمكن إصلاحه في معظم الأحيان. فمع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك، انتشرت العديد من الحسابات الوهمية التي تطلب صداقة أحدهم لسرقة البيانات الشخصية له أو لأجل الابتزاز أو لانتحال شخصيته. وكانت معظمها تستهدف مستخدمي الفيسبوك من الأطفال والمراهقين ممن تسهل استجابتهم في مشاركة بياناتهم الخاصة ظنا ًمنهم أن الطرف الآخر صديق حقيقي، أو من الجنس ذاته ممن يمكن البوح له دون حرج! ولا يقتصر الاحتيال في الفيسبوك على طلبات الصداقة. فقد أصبح هناك استغلال للإنسانية من خلال الصفحات والمجموعات الخاصة فيه لأمور غير مشروعة، مثل تلك القصة التي انتشرت حول قيام أحد الأشخاص بمساعدة أحدهم عبر صفحة خاصة للمغتربين في نقل أدوية إلى الدولة التي يعمل فيها، فكان أن تعرّض للاعتقال على الحدود بعد أن تبيّن أن الدواء نوع من المخدرات. كما أصبح هناك استغلال سيئ لرغبات الإنسان المختلفة من زواج وعمل وربح للجوائز وغيرها. فمثلاً، تم استهداف بعض الباحثين عن عمل من أجل عمل علاقات غير مشروعة مع الجنس الآخر؛ إذ أفادت الكثير من الفتيات ممن شاركن في مجموعات البحث عن عمل في الفيسبوك بتعرضهنّ للتحرّش أو أنه تم جذبهن للعمل في أمور مشبوهة! وانتشرت على تطبيق الواتساب مجموعات مماثلة، تعرضت فيها الفتيات لمحاولة تحرّش من قِبل الأعضاء الآخرين من خلال إرسال رسائل غير لائقة لهنّ وعلى حساباتهن الخاصة. كما ظهرت مواقع متخصصة من أجل الزواج، ومعها انتشرت الكثير من قصص الاحتيال؛ أكثر ضحاياها من الفتيات. فكان كثير من الشباب ممن شاركوا في تلك المواقع لا يهدفون إلى الزواج وإنما للتسلية، ولمشاركة صور الفتيات وغيرها مع آخرين! وهناك صفحات وحسابات متخصصة في الإعلان عن جوائز قيِّمة مقابل متابعتها، مثل ادِّعاء إحدى الصفحات التي تحمل اسم شخصية مشهورة في الفيسبوك عن مسابقة لربح سيارة فارهة، وأخرى على موقع تويتر لربح هاتف آيفون بشرط إعادة التغريدة ومتابعة أحد الحسابات، ليتبيّن لاحقاً أنها كاذبة، وأن الهدف كان لزيادة عدد متابعي الصفحة ولأمور أخرى غير معروفة. وانتشر هذا النوع أيضاً على تطبيق واتساب، بحيث تصل رسالة فجأة من رقم مجهول إلى أحد الحسابات الخاصة تدَّعي فوز صاحب الحساب، وأن عليه الاتصال أو إرسال بياناته البنكية لتسلُّم الجائزة. وكثيراً ما كانت ترافقها صور الجائزة؛ لإضفاء نوع من المصداقية الخادعة. ولا تقتصر طرق الاحتيال على مواقع التواصل الاجتماعي والواتساب، وإنما تنتشر عبر الرسائل الإلكترونية أيضاً التي ترد إلى البريد الخاص للمستخدم، سواء كان على الهوتميل، أو الياهو، أو الجي ميل، وغيرها. وتدّعي تلك الرسائل أن المرسل شخص منكوب من حرب أو حادثة ما، وتطالب المستخدم بالرد عليه فقط لترِده التفاصيل في رسالة ثانية! وهنا الطامّة الكبرى، فقد يرسل له رسالة يدّعي فيها وجود رابط ما أو صورة لتكون مجرد فيروس يخترق حساب المستخدم وجهازه لسرقة بياناته أو لتوريطه في أمور هو بغنى عنها. وهناك رسائل أخرى يظهر العنوان البريدي لها وكأنه لشركة معروفة، مثل ياهوو أو آبل، تطالب المستخدم باستحداث بيانات الدخول لحسابه بهدف سرقتها. وهناك رسائل تبدو أنها مرسلة من البنك الذي يتعامل معه المستخدم، تطالبه بتحديث عاجل لبياناته وإلا فسيتم إغلاق الحساب الخاص به، فيقوم الضحية بوضع بياناته دون تردد على النموذج المرفق وإرساله، ليظهر أنه نموذج احتيال لسرقة حسابه. ومن الرسائل الإلكترونية الكاذبة ما يفيد بفوز المستخدم بجائزة مالية كبيرة أو بسؤاله المساعدة على تحويل مبلغ مالي كبير مقابل نسبة ما، وكلها تهدف إلى الاستحواذ على بياناته البنكية من أجل سرقتها واستخدامها في الاحتيال على الآخرين. إذن ما السبيل لتجنّب الوقوع ضحية للاحتيال؟لتجنّب احتيال مواقع التواصل الاجتماعي، فالأمر بسيط؛ إذ على المستخدم حصر استخدامه إياها في الترفيه والتواصل مع الأقارب والأصدقاء فقط، وفي التفاعل مع الصفحات الخاصة بالأعلام المشهورة التي تحتوي على وسم التوثيق، وهو عبارة عن إشارة زرقاء تأتي مع اسم الشخصية أعلى صفحته، وعدم الاستجابة لأي منشور صادر من صفحة تحمل اسماً دون توثيق، وخاصة إن كان إعلاناً عن جائزة ما! أما الفتيات بشكل خاص، فيجب ألا تنشر إحداهن بياناتها الخاصة في أي صفحة أو مجموعة مختصة بالبحث عن عمل أو زواج، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها. فإن كانت تبحث عن عمل، فعليها إرسال السيرة الذاتية الخاصة بها مباشرةً إلى صاحب العمل بعد التأكد من وجود مكان العمل على أرض الواقع من خلال وزارة العمل في بلدها أو من خلال سفارة البلد الموجودة فيه. كما يمكنها وضع بياناتها على مواقع معروفة للتوظيف، مثل موقعي «بيت» و»لينكد إن» وغيرها، وتجنّب مواقع التواصل الاجتماعي. وإن أرادت الزواج، فيفضّل أن تلجأ إلى الطرق التقليدية على أرض الواقع، مثل المشاركة في مختلف الحفلات والمناسبات الاجتماعية، والإعلان عن رغبتها في الزواج للأقارب والأصدقاء. أما فيما يتعلّق بالرسائل الإلكترونية المشبوهة، فيستطيع المستخدم تحرّي البيانات الخاصة بها بالضغط على رابط تفاصيل الرسالة الواردة إليه، والتي من شأنها أن تُظهر له بياناتها ومنها عنوان المرسل إليه، فإن كان فارغاً، فهذا يعني أن الرسالة لم يتم إرسالها له بشكل خاص ومباشر، وإنما تم إرسالها بشكل عشوائي وإلى مستخدمين آخرين تم إخفاؤهم. كما في التدقيق لعنوان البريد الإلكتروني للمرسل، فمن شأنه أن يظهر إن كان حقيقياً أم مختلقاً. كما عليه الحرص على عدم الضغط على أية روابط تأتيه مع الرسالة المجهولة، سواء كانت على شكل روابط مرفقة أو داخل نص الرسالة. وعادة تأتي هذه الروابط مع عناوين جذابة ومثيرة، لتثير فضول المستخدم لمعرفتها، سواء كانتش لها علاقة بالفن أو الرياضة أو السياسة وغيرها. ومن الطرق الأخرى لاكتشاف الرسائل المزيفة، الطريقة المكتوبة بها؛ فإن كانت تحتوي على أخطاء إملائية أو بيانات غير مكتملة، حينها تكون رسالة احتيال يجب إهمالها وعدم الاستجابة لها. كما للهجة المكتوبة بها إشارة إلى زيفها، مثل الاستعطاف أو الاستعجال في الاستجابة والرد. بالنهاية، تبقى هناك ضرورة على نشر مختلف الحملات التوعوية حول استخدام الإنترنت بشكل عام، ومواقع التواصل الاجتماعي ومختلف التطبيقات الإلكترونية بشكل خاص، وأن تكون مختلف مؤسسات المجتمع هي الرائدة في ذلك، مثل المدارس والبنوك والوزارات الحكومية وغيرها. على أن تكون حملات دائمة، لازدياد نسبة مستخدمي الإنترنت وتطبيقاته يوماً بعد يوم. |
Archives
November 2018
Categories |