بقلم جانسي دون
عندما تودين كتابة كتاب بعنوان: ”كيف لا تكرهين زوجك بعد الأطفال“، سيبدأ الناس بإخبارك بأشياء خاصة. وسمعتها كلها حتى هذه اللحظة. تقول إحداهن: ”لم أتكلم مع زوجي لمدة عام بعد إنجابي لطفلي الأول. لا أملك سوى أن أشعّ بكل كراهية تجاهه وفي كل وقت“. وأخرى تقول: ”إنني أفزع عند عودة زوجي شون من رحلات العمل، لأنني أشعر بالكراهية تجاهه، والوضع أكثر أمنا من دونه“. وكانت هذه الإعترافات تحصل بالهمس، وذلك لأن ضميرهن حي ويشعرن بالخزي. وأنا أعلم من أين تأتي تلك المشاعر. فقبل أن ألد ابنتي سيلفي ربيع عام 2009، كنت نادرا ما أتشاجر مع زوجي توم وعندما أصبحنا أبوين، أصبح الشجار من الروتين اليومي. لقد كنت أناديه بأسوأ الألقاب، وأهدد بالطلاق. وفي أوقات أخرى كانت علاقتنا فاترة جدا ولعدة أيام، لا تزيد عن مجرد السؤال عن أماكن الأشياء داخل المنزل. ولم أتمكّن من إخبار أمي بذلك أو أخواتي، ولأنني لم أسمع من صديقاتني أي شيء عن الشجار مع أزواجهن، كنت أظن أنني الوحيدة التي تظن أنها تكره زوجها، وأزيد حنقا عندما يقوم بأشياء بسيطة، مثل عدم إلقائه للنفايات، أو عند ترك صحنه متسخا داخل حوض المطبخ. وكان تصفحي لمواقع التواصل الاجتماعي يزيد من شعوري سوءا، وذلك في كل مرة أجد فيها صورة لعيد ميلاد أحد الأطفال محاطا بوالديه السعيدين، وكنت أفكر في نفسي إن كنت الوحيدة التي تقوم بحركات بذيئة خلف رأس زوجي وحول طفلتنا!! وكان الفشل الأبوي هذا مؤلم لي أكثر من توم. فنحن على بعد عدة أجيال من القواعد التقليدية التي كان يملكها أجدادنا. فالضغوط الاجتماعية والأمومة وإدارة المنزل تعد من هوية المرأة أكثر من الرجل، سواء أحببنا ذلك أم لا. ولكن من الطبيعي الشجار، وحتى بأسوأ ما يمكن، وذلك لأن كلا الزوجين يعانين من تأرجح الهرمونات، وقلة النوم، وازدياد كمية ملابس الغسيل. ولكن ما يجعلنا نحن الأمهات أكثر عصبية، هو أننا نقوم بعمل أكثر داخل المنزل وفي رعاية الطفل وإن كنا مثل الزوج نعمل خارجا. فلا يوجد مساواة في العمل الداخلي. وفي هذه الحالة، أنا لست وحدي. فبالرغم من تغيّر حياة النساء بشكل كبير في الثلاثة عقود الماضية، وذلك بما يتعلق بعمل المرأة في مختلف الوظائف، إلا أنه لم يحدث الكثير من التغيير للنساء. ففي دراسة نشرتها مجلة العائلة والزواج عام 2015، تبيّن أن الأزواج يساعدون زوجاتهم مناصفة في أعمال المنزل إلى أن يصبحوا آباء. وفي الوقت الذي يصل فيه عمر الطفل 9 أشهر، تقوم النساء بعمل بما يعادل 37 ساعة، موزعة بين إدارة المنزل ورعاية الطفل، أما نصيب الرجل فيكون 24 ساعة. كان لا بد من القيام بشيء وإلا سننفصل! إنني محرجة من القول أن سبب رغبتي في إصلاح علاقتي مع زوجي هو طفلتي. لقد بدأت ألاحظ تأثر شخصيتها بمشاجراتنا. فقد أصبحت طفلتنا ذات الأربعة أعوام من سعيدة إلى أكثر حذرا ومراقبة لنا. والأسوأ، أنها بدأت تقفز بيننا وتقول: (لا تصرخي على أبي!) وبيأس، استشرت العديد من الخبراء، من مستشاري الزوجية، إلى علماء النفس الاجتماعيين، وفيما يلي الحلول التي نجحت معنا أكثر من أي شيء آخر: 1. توقفت عن متابعته وتركته يقوم بالأمور بطريقته لقد أدركت أنني كنت أبعد زوجي عني بانتقادي المستمر له وتصحيح ما عليه فعله، وخاصة بما يتعلق بطفلتنا. حينها تركته ليقوم برعاية الطفلة بما يراه مناسبا من إطعامها وإلباسها وحتى طريقة اللعب معها. 2. تعلمت الشجار بشكل معتدل الشجار أمر طبيعي، ومع تكويننا لعائلة، علينا التشجار بشكل أقل صخبا. أي بدون تنابز للألقاب أو الصراخ. إضافة إلى تعلّم كيفية طلب المساعدة من الطرف الآخر بلطف. وتعلمنا كيف نصف المشكلة التي نعاني منها من دون تبادل اللوم، وإنما بمناقشة الحلول الممكنة. 3. تقسيم المهام أخبرنا الخبراء أنه عند وجود طفل، تصبح العلاقة بين الزوجين مختلفة كليا. أي يصبح كل شيء قابل للتفاوض ومنها تقسيم المهام داخل المنزل. ولا يعني ذلك تقسم العمل مناصفة، وإنما تعاون الطرفين في تنظيف المطبخ وترتيب المنزل. 4. التفكّر قبل الشجار لقد تعلمت عدم جعل امتعاضي من تصرفات زوجي سببا للشجار في كل مرة. وأن أتفكّر بما سأجنيه في حال قمت بذلك. فإن كانت طفلتي هادئة مثلا، لما علي أن أعارض قيامه بأخذ قيلولة بعد العصر؟ 5. لم نتوقف عن العلاقة الحميمية يسهل تجاهل إنشاء علاقة حميمية بسبب التعب والإرهاق الناتج من العمل ورعاية الأطفال. إلا أنها أساسية لصحة العلاقة الزوجية. فالعلاقة الجسدية مع الزوج تقوي العلاقة العاطفية. ولا يعني ذلك ممارستها بشكل مفرط، وإنما يكفي أن تكون مرة واحدة أسبوعيا، وبغض النظر عن مدة الزواج. ويمكن ابتكار طرق جديدة لأجل جذب الطرف الآخر للعلاقة الحميمية، مثل إجازة في منتجع أو مشاركة في إعداد وجبة، شيء ما ليزيد من التقارب الجسدي. 6. ناقشنا الأمور المالية تعد تكلفة حفاظات الطفل لوحدها كبيرة، لذلك من المهم معرفة وجهة نظر الزوج الآخر وتفهمها فيما يتعلق بالأمور المالية، منها معرفة المخاوف والأمور التي نحتاج تعليمها للأطفال حول المال. - وناقشت المجلة العديد من طرق وضع الميزانية التقليدية وطرق التوفير في هذا العدد والأعداد السابقة-. 7. إظهار الحب إن الأشياء البسيطة التي تقوم بها تجاه الشريك والتي يحبها لها أثر كبير. فلا ضير من شراء العصير المفضل للزوجة، أو تحضير وجبة الطعام المفضلة للزوج. وهذا من شأنه زيادة الاحترام والتقدير وبالتالي الرغبة في إنشاء علاقة حميمية. كما ويجب التخطيط لقيام شيء بعيد عن الأطفال بين الحين والآخر، وذلك لزيادة مشاعر الود والتقارب. بقلم إشراق كمال عرفة
يمتلك القادة الناجحون رؤية عمّا يرغبون بتحقيقه في المستقبل البعيد أو القريب، ولا يقتصر الأمر على ذلك، وإنما يسعون إلى ترجمتها إلى مهمة وخطة عملية قابلة للتنفيذ لتحقيقها، وكانت رؤية عبد الكلام هي الهند في عام 2020؛ التي تتلخّص بأن تصبح ذات قوة اقتصادية تنافس الدول الكبرى. ولم تكن هذه الرؤية وليدةَ اللحظة، فقد اشتغل عبد الكلام في عدة مناصب كعالِم ومستشار للعلوم، ولأكثر من أربعة عقود، في مجال الفضاء والدفاع القومي، مما زاد من شعور انتمائه لبلاده، وإدراكه لأهمية التقنية في تحويل البلاد إلى دولة متقدمة. وعبد الكلام هو أبو بكر زين العابدين عبد الكلام. ولد عام 1931، درس الفضاء والهندسة الفضائية، واشتغل في عدة مناصب استشارية وإدارية في كل من (منظمة أبحاث تطوير الدفاع والتطوير ORDO) و(المنظمة الهندية لبحوث الفضاء ISRO)، كما شارك في البرنامج الهندي للفضاء المدني وأعمال تطوير الصواريخ. وتم تلقيبه بـ(رجل الصواريخ) في الهند لمساهمته في تطوير تقنية الصواريخ الباليستية وإطلاق المركبات، كما كان له دور تقني وسياسي في اختبارات الأسلحة النووية الهندية التي تمت عام 1998، وشارك في برنامج IGMDP لتلبية احتياجات الدفاع القومي، وفيها عمل على تطوير أنظمة استراتيجية وتكتيكية متعددة للأمن القومي. ثم أدار برنامج TIFAC الذي كان يهدف إلى تطوير الهند اقتصادياً، لتتحول إلى دولة متقدمة اقتصادياً عام 2020، تم انتخابه من كافة الأطراف الحاكمة والمعارضة رئيساً للهند، ولذلك سُمي بـ(رئيس الشعب)، وتلقى العديد من الجوائز المرموقة، مثل جائزة: Bharat Ratna وهي أعلى تكريم مدني في البلاد. وقبل رئاسته، عمل عبد الكلام أستاذاً في جامعة آنا في ديسمبر 2001، وكان سعيداً بهذه الفرصة، لأنها أتاحت له مشاركة خبراته في مهامه الوطنية مع الطلبة، ومعرفة آمال وأحلام وتطلعات الشباب، وذلك من أجل تطوير مواد دراسية يتم تصميمها من المتخرجين من الطلبة بعدد 10 محاضرات لتحقيق رؤيته حول الهند 2020. وفي فترة رئاسته، آمن عبد الكلام بأن الازدهار الاقتصادي للبلاد يتم عبر المعرفة، التي تتطور من خلال الاختراعات والتقنية، وبذلك بدأت خطته العملية لرؤيته ترتسم بوضوح، فلا بد من التطوير التقني لكافة مجالات الحياة، من تعليم وصحة وأمن ودفاع قومي واقتصاد. وكان التحدي في ذلك هو عيش أكثر من نصف سكان الهند في القرى، وتلك القرى تعاني من مشاكل في البطالة والخدمات الصحية والتعليمية، فبدأ بزيارتها وعقد مختلف الاجتماعات لتطويرها، ووضع مؤشر خاص للتطوير في كل منها للمتابعة. وأدرك أهمية الدعم الحكومي لإنجاح خطته، وذلك من خلال قيام البرلمانيين بالتخلّص من القوانين التي تعيق التقدّم، وتعاون الأحزاب السياسية مع بعضها لما فيه خير البلاد، فتصبح السياسة بذلك من سياسية إلى سياسة تطويرية، فتبدأ حينها تلك الأحزاب بالتنافس فيما بينها لما هو صالح البلاد، في مجالات الحياة المختلفة من صحة وتعليم وأمن وغيرها. وهذا لن يتحقق إلا عند إدراك كل شخص مسؤول أهمية تلك التغييرات، والتعاون لأجل تطوير البلاد، فحرص عبد الكلام على إشراكهم في رؤيته من خلال إلقائه للعديد من الخطابات المتعلقة بذلك، وليس ذلك فحسب، وإنما بيّن لهم أهمية تحسين علاقة البرلمانيين مع الشعب من خلال وجود حكومة شفافة وذات مصداقية، وأن يصدق البرلمانيون في وعودهم لهم فيثق حينها الشعب بهم، ويدعم مختلف القرارات والقوانين التي يقومون بإصدارها. وكان لشغفه وفضوله في المعرفة، وإخلاصه في العمل الدور الرئيسي ليقوم عبد الكلام بزيارة أكبر عدد ممكن من ولايات الهند، وذلك ليتعرّف بنفسه على المشاكل التي تعاني منها، ولمناقشة الحلول المناسبة وطرق التطوير مع الخبراء وحتى الأفراد من العامة، ثم عمل على إنشاء الحكومة الإلكترونية e - Government لربط المكتب الرئاسي مع مكتب رئاسة الوزراء وباقي الوزارات، فيسهل عليه جمع المعلومات حول أي منطقة من المناطق الهندية. ثم بدأ بتحسين النظام القضائي لحل مشاكل الناس والقضايا العالقة لتسهيل عملية التطوير، فقام بمبادرة القضاء الإلكتروني e-Judiciary، لإنشاء قاعدة بيانات تعمل على حفظ وتخزين كافة القضايا، ومن وقت تسجيلها إلى البتّ فيها، وبذلك سيكون هناك تسريع في عمليات البحث والاسترجاع وجمع المعلومات، ومعرفة أماكن وتواريخ الجلسات، فيتمكّن القضاة من متابعة كافة قضاياهم، كما سيحقق ذلك الشفافية والمصداقية في كل قضية. ثم ناقش مع الأساتذة ورؤساء الجامعات أسس تطوير المناهج المدرسية والمواد الجامعية، وذلك لتلائم سوق العمل والمهارات التي يحتاجها، وبذلك يُوجِد جيل توظيف قادراً على المساهمة في العملية التطويرية للبلاد. وبيّن عبد الكلام أهمية مساهمة ذلك في تقليل الهجرة من القرى إلى المدن من خلال توفير فرص العمل في كل منها، وتحسين الخدمات في كل قرية، وبذلك تقل المسافة الفاصلة بين المناطق الحضرية والنائية، فلا ينحصر التطوير والعمل في المدن الكبرى فقط. أما بما يتعلق بالتعاون الدولي، تمكّن عبد الكلام من إنشاء منصة المعرفة العالمية أو ما تعرف بـ World Knowledge Platform، وذلك لتبادل المعرفة والخبرات مع الدول الأخرى لما فيه مصلحة الهند. كما تواصل مع الدول الإفريقية لعمل شبكة Pan African e-Network لتبادل الأفكار في كل من التعليم والصحة، ومن الجامعات والمستشفيات الهندية والإفريقية، وتعاون مع دول الاتحاد الأوروبي بما يتعلق بمجال تحرير الطاقة، وذلك بعد خطاب وشِعر مؤثر ألقاه في الاتحاد الأوروبي عام 2007. بالنهاية، قامت سويسرا بتكريم عبد الكلام، وذلك بإعلان يوم 26 مايو/أيار يوماً للعلوم، وهو اليوم الذي زار فيه البلاد عام 2005، وذلك بعد إعجاب الرئيس حينها بكتابيه India 2020 وIgnited Minds. بذلك، نجد أن عبد الكلام وقبل وفاته عام 2005 قد نجح في تسخير حياته لخدمة بلاده وشعبه، فحرص على زيارة عدد أكبر ممكن من ولايات الهند، ومقابلة الأفراد وجهاً لوجه من مختلف الخلفيات الثقافية والمهنية والعمرية لمعرفة مشاكلهم واقتراحاتهم، وبذلك نجده قدوة للكثير من الرؤساء، وخاصة في المنطقة العربية. ولم يتوقف عن العمل بعد انتهاء فترة رئاسته، إذ استمر في التعليم والقراءة والكتابة، وصدق قوله تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" (الملك: 2). |
Archives
November 2018
Categories |