حصلت الكثير من الانقلابات في تركيا، ولهذا السبب فشل الانقلاب الأخير بقلم ستيفن كوك – الواشنطن بوست بحسب الجدول الزمني للتاريخ الحديث، كانت محاولة الانقلاب التي حصلت منتصف تموز الماضي في تركيا متأخرا عقدا من الزمان. فبحسب أفضل جزء في الأربعين سنة الماضية، وبداية من عام 1960، تمكن الجيش التركي من الإطاحة بالحكومات التي لم يعجبه وبشكل تكراري يصل إلى مرة كل عشر سنوات. . وكان أن اعتقد الجميع أن زمن الانقلابات قد انتهى بمضي عشرين عاما على انقلاب 1997. وفي خلال تلك الفترة، كان حزب العدالة والتنمية ورئيسه رجب طيب أردوغان قد عمل على اصلاحات في الدستور واعتقال كبار الجنرالات للسيطرة على الجيش. ولذلك ذهل الكثير من الأتراك عند مشاهدتهم للدبابات في شوارع اسطنبول مع تحليق منخفض للطائرات الحربية. وخلال ساعات قليلة، أظهر الجيش قدرته على استعادة مجده بقدرته على اختراق أنظمة الحكام المدنيين، والتحكم في الحياة السياسية. . إلا أن ذلك لم يحصل! فبالرغم من استمرار سماع دوي الرصاص في صباح اليوم التالي من الانقلاب، تمكّن إردوغان من إعادة السيطرة على زمام الأمور بعد أن قطع إجازته في اسطنبول. فكيف تمكّن من ذلك؟ فبعيدا عما كان ظاهرا حول عجز الانقلابيين من اعتقال الرئيس التركي ورئيس الوزراء، أو السيطرة على وسائل الإعلام، وتمكن إردوغان من سؤال داعميه بالتسابق للنزول إلى الشارع وذلك من خلال اتصاله مع قناة السي إن إن التركية عبر هاتفه الذكي، والتي أذاعت الإتصال على الهواء مباشرة، فإن هناك ثلاثة أسباب كانت وراء استعادة سيطرة إردوغان وحزب العدالة والتنمية على سدة الحكم. . أولا، لقد تغيرت تركيا بعد أن كانت الانقلابات روتينا في حياتها السياسية، وسمة لها. ففي العهد السابق، كان الجيش قادرا على ترويع المعارضين لسياسة كمال أتاتورك القمعية العلمانية. وعندما أصبحت تركيا مجتمعا أكثر تعقيدا، وانتشار شعبية حزب العدالة والتنمية، لم تعد مبادئ أتاتورك تصلح مرة أخرى لمجاراة الحياة العصرية. وفي عام 1997، رحب الكثير من الأتراك تدخل الجيش للقضاء على أول تجربة للحكومة الإسلامية. وبعد عقد من الزمان، وعندما رأى الجيش منع فتح الله غولن من الوصول إلى الرئاسة، أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية، والتي كانت زوجته ترتدي الحجاب، تظاهر الأتراك ضد حكم الجيش والإسلاميين أيضا. وكانت المظاهرة التي قام بها الشعب عام 2007 وراء قيام الجيش بتعديل موقفه وتسهيل الوصول لسدة الحكم لغولن. فالأتراك أدركوا أن حكم العسكر لن يفيدهم وإن كان مع تحقيق مصالحهم. . أما السبب الثاني لفشل الانقلاب الأخير، فهو عدم دعمه من المدنيين. فقد كانت الإنقلابات السابقة تلاقي دعم البعض منهم. فعندما ظهرت الدبابات على الشوارع في 12 أيلول 1980، تنفس الأتراك الصعداء لظنهم انتهاء زمن العنف بين القوى اليمينية واليسارية، والتي نتج عنها إزهاق لألاف الأرواح في السنوات الأربع السابقة. أما التدخل العسكري في عام 1997، والذي سمي بالانقلاب الحديث، لأنه بدلا من قيام الجيش بالانتشار في الشوارع، عمل على دعم المنظمات النسائية والأكاديمية والشركات التجارية ووسائل الإعلام لزعزعة الاستقرار من أجل نزع شرعية الحكومة الائتلافية التي كانت بقيادة الإسلاميين المنتمين لحزب العدالة والتنمية. أما الانقلاب الأخير، فإن دعوة الرئيس بنفسه للأتراك إلى الانتفاضة في الشوارع والاستجابة له من قبل مؤيديه ومعارضيه على حد سواء، كانت قد أمهلت الجيش سويعات قليلة قبل استرداد حزب العدالة والتنمية الحكم. فقد أصبح التدخل العسكري في الحياة السياسية إهانة بنظر كل الأتراك. . وأخيرا، فإن السبب الثالث والأخير لفشل الانقلاب في تركيا، هو شخصية إردوغان نفسه. فمع كل الانجازات التي قام بها وكل الإصلاحات التي شهدها الأتراك والعالم منذ قدومه إلى السلطة تمكن من خلب ألباب الكثيرين. فالرجل يملك مهارات غير اعتيادية جذبت له القلوب بدليل فوزه بأكثر من نصف الناخبين والتي تعد نسبة كبيرة منذ عام 2007. ومن حول العالم، لا يوجد سوى رئيس واحد شارك أردوغان في الشخصية الجذابة والمهارات الخارقة، وهو الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون. فقد تمكّن إردوغان من تصحيح أخطاء تاريخية وإصلاح لقوانين جائرة، وذلك بالقضاء على القلة من العلمانيين المتجبرين، موفرا بذلك لتركيا حياة سياسية وتجارية جديدة جعلتها قوة جديدة إقليميا وحتى على مستوى العالم. . فلم يكن تجاوب الشعب التركي لدعوة إردوغان في الانتفاضة بوجه العسكر عاطفيا، وإنما لما شهدوه من إصلاحات على مستوى الرعاية الصحية، وبنية تحتية أفضل، وأموالا أكثر في جيوبهم، وخيارات نقل أكثر، وحرية في التعبير عن عقيدتهم الإسلامية بشكل لم يكن مسموحا لهم في الماضي. وبالرغم من تاريخ تركيا السابق في قمع الصحافة وحرية الرأي، سعى حزب العدالة والتنمية إلى إعادة تشكيل السلطة القضائية، وضبط التنفيذية، ومحاكمة الفاسدين بغض النظر عن مكانتهم السياسية والاجتماعية، وبذلك لم يقتنع الشعب التركي بمحاولة الجيش في الانقلاب، وفشل مدبري الانقلاب في الظن بقدرتهم على تخويف أنصار أردوغان، فنزل الأتراك مرة واحدة إلى الشوارع للإحاطة بالدبابات واحتجاز الجنود إلى حين وصول الشرطة لاعتقالهم. وكما قال أردوغان في اليوم التالي: (ليس هناك قوة أعلى من قوة الشعب). . لقد نجا أردوغان من الانقلاب، وأعلن أنه إهانة لديمقراطية تركيا. وبوصوله إلى اسطنبول أعلن أن الانقلاب نعمة من الله ليتمكن من تمييز العصابات في الجيش والتخلص منها، مشيرا إلى أتباع فتح الله غولن، الذي كان سابقا عضوا في حزب العدالة والتنمية، إلا أنه أضحى ألد أعداء أردوغان. . بالنهاية، فإن تداعيات الانقلاب واضحة، سيقوم حزب العدالة والتنمية بملاحقة المعارضين، تعززت قوة إردوغان وشحنت آماله في الإسراع بتطوير تركيا. لقد فشل الإنقلاب في أن يكون فرصة للديمقراطية، وأصبح مجرد محاولة لدعم الاستبداد. لماذا يسهل إدمان الشباب على الألعاب الإلكترونية؟
بقلم إشراق كمال عرفة . تمكّنت تقنية الإنترنت من إلغاء المسافات بين المناطق المختلفة في هذا العالم. وهذا إنجاز عظيم لتمكين الناس بذلك على التفاعل فيما بينهم بيسر وبسهولة وبأقل التكاليف الممكنة. وبفضل الانترنت، نجحت مختلف الشركات التجارية من توسيع دائرة زبائنها لتشمل الشعوب المتصلة بتلك الشبكة في كافة البلاد تقريبا. وخاصة بعد تمكن الأفراد في الشرق والغرب من التواصل عبر أجهزة خفيفة يسهل حملها؛ كالهواتف الذكية والنظارات وساعات اليد الإلكترونية. ومن أكثر الشركات استفادة في التواصل مع الأفراد على مستوى العالم هي تلك المتخصصة بتطوير التطبيقات الإلكترونية. فمثلا أصدرت مؤخرا شركة النيتندو اليابانية لعبة (بوكيمون جو) للهواتف الذكية والمتوفرة لمستخدمي الانترنت. ولاقت نجاحا عالميا لمحاكاتها العالم الواقعي ولسرعة الإدمان عليها. ونجد أكثر الفئات تأثرا بتلك اللعبة هي من الشباب. فقد تم تسجيل العديد من الحوادث بينهم في الشرق والغرب نتيجة انهماكهم في لعبها دون الانتباه إلى المحيط الخارجي من حولهم، وذلك دون أي حادثة تذكر لأي فئة عمرية أكبر. فلماذا يدمن الشباب دون غيرهم على مثل هذا النوع من الألعاب؟ بداية، يجب معرفة مميزات مرحلة الشباب لنتمكن من التوصل إلى الجواب. فالجميع يقر بأن الشباب هي مرحلة تمتاز بذروة النشاط وبحب المغامرة وبالفضول لاكتشاف وتجربة كل ما هو جديد. إضافة إلى تعطشهم الدائم للتحدي ولتحقيق الإنجاز. وكما وتمتاز تلك المرحلة بالميل إلى الحرية دون قيود وإلى الهوى دون تمهل. وهذا ما تحققه لهم الألعاب الإلكترونية. فهي تتميز بمراحلها التي ترتفع فيها نسبة التحدي، وبشخصياتها القوية، وبجاذبية تصاميمها، وبالقدرة على تحقيق الفوز فيها. إضافة إلى حرية لعبها دون قيود في عالم متمرد خارج عن أرض الواقع. ولكن ما لا يدركه أولئك الشباب ممن انجرف إلى تلك الألعاب أنه يحقق نصرا مزيفا فيها لا وزن له، ويواجه تحديا لا قيمة له في حسابه الاجتماعي والاقتصادي والفكري عند انتقاله للمرحلة التالية من اللعبة. فإشغال النفس في ذلك اللهو بشكل مستمر هو ظلم لها وتدمير لثروة الوقت. فالشاب أثناء انشغاله في أي لعبة إلكترونيةـ يمنع نفسه من فرصة التفاعل مع العالم الحقيقي، ومن تطوير المهارات التي يحتاجها ليتمكّن من مواجهة تحديات الحياة. وربما لذلك السبب تكون النتيجة هي عزوف الكثير من الشباب عن العمل، وانتحار البعض منهم عند الفشل في حل أصغر المشاكل، وخاصة في منطقة الدول المتخلفة التي تعاني من نقص في الاهتمام بفئة الشباب وتنمية مواهبهم. فأبعاد الإدمان على مثل تلك الألعاب كبيرة وخطيرة على مستقبل التنمية البشرية في تلك البلدان. إذن كيف يمكن المساهمة في الحدّ من ظاهرة إدمان الشباب على الألعاب الإلكترونية؟ إن الفراغ وانعدام الشعور من المسؤولية من أهم أسباب تهور الشباب وانجرافهم نحو كل جديد دون دراسة وروية. فلصرف الشباب عن تلك الألعاب يجب توفير ما يشغل وقتهم بما يناسب أهوائهم واحتياجاتهم في تلك المرحلة وبما يناسب المكان والزمان الخاص بهم. فمثلا، ما يهمنا هنا هو شباب المنطقة العربية، كون نسبة الشباب فيها أكبر من أي منطقة أخرى في العالم. ففيها يمكن إنشاء مختلف الأنشطة والبرامج الرياضية والثقافية المناسبة للشباب وخاصة في فترة العطلات. إضافة إلى إشراكهم في مختلف المشاريع الاقتصادية والاجتماعية وبالتعاون مع المدرسة ومؤسسات المجتمع المختلفة على أن تكون مشاريع طويلة المدى ومقسمة على مراحل لضمان إشغالهم لأطول فترة ممكنة. وبذلك يتم توفير الفرصة للشباب للتفاعل مع بعضهم البعض، وتطوير المهارات الحياتية الهامة لهم؛ كحل المشاكل والتحليل والتخطيط وإعادة التفكير وغيرها.كما على الأهل عدم الانشغال عن أبنائهم والانسحاب من دورهم في مراقبة أنشطتهم اليومية. وعليهم العمل على زيادة حس المسؤولية لدى أبنائهم بإعطائهم مختلف المهام المنزلية والاجتماعية بشكل مبكر ومستمر. وأخيرا يأتي دور الدولة في تعزيز روح المنافسة بين الشباب وتشجيع العمل التعاوني فيما بينهم؛ وذلك بعمل مسابقات وطنية رياضية وفنية وفكرية ثقافية وغيرها، وبجوائز تحفيزية كالسياحة الخارجية للتعرّف على مختلف مناطق العالم الحقيقية. وبذلك سيجد الشباب أنشطة أكثر متعة على أرض الواقع، وسيستشعر حلاوة الإنجاز الحقيقي، وسيجد أثر التطوير الذاتي على نفسه نتيجة اشتراكه بتلك الأنشطة، وبتحسّن في مستوى حياته بكافة مجالاتها، فيفضل الشاب حينها أن يحيا مع الناس لا وحيدا داخل تلك الألعاب! |
Archives
November 2018
Categories |