مفتاح السعادة
بقلم إشراق عرفة ما هي السعادة في هذه الحياة. وما السبيل إلى تحقيقها بغض النظر عمن تكون؟ ... أهي أموال وأملاك؟ أم حظ وجمال؟ للأسف كلاهما يتوفران في فئة محددة من الناس. وأنا أريد سبيل للسعادة ميسر للجميع. الفقير قبل الغني والطفل قبل الكبير. آه الطفل. ربما الحل عند الطفل. فالأطفال دوما سعداء. ولكن كيف؟ إن تأملنا الطفل نجده خال من الهموم يحب اللعب لا يذنب ولا يؤذي لأنه لا يعي أصلا السبل إلى ذلك. إذن أولى خطوات السعادة هو بالابتعاد عن الإيذاء والجريمة. ثم نجد أن الطفل يحزن ويبكي إن ظلمته أو ضربته. ولكنه سرعان ما ينسى ويعاود الضحك إن أضحكته. على فكرة. أنا أكتب هذا المقال وابنتي تلعب أمامي وضحكاتها تملأ المكان. إذن الطفل لا يحقد ويسامح بسرعة. ماذا غير ذلك؟ من المهم ملاحظة أنه لا يسأل عن طعام أو شراب. أو لباس أو مكان. فهو كأنه واثق من رزقه لا يبذل كل وقته بالتفكير فيه. كما أنه أبدا لا يقبل بطعام أكثر مما يحتاج. فهو ليس بشره أو طماع. ولكن الطفل يفكر ويحتال. نعم. إذن نحتاج إلى ذكاء لنحصل على ما نريد. فأنا أستذكر الآن كيف ابنتي كانت تأتيني وتضحك لي لأعطيها هاتفي لتلعب فيه. إذن نحتاج إلى معرفة الأساليب الخاصة في التعامل مع الناس. وهذا يحتاج إلى ملاحظة وتحليل ثم التطبيق بناء على ذلك. ولا ننسى أن الطفل لا يقارن نفسه مع غيره من الأطفال. بلمناسبة أنا أستخلص خطوات السعادة هذه من يوميات طفلة في عامها الأول والنصف من العمر. إذن لا غيرة ولا مقارنة، سبب آخر للسعادة. كما أن الطفل بريء ليس بماكر ولا بخبيث، ويحفزه سعادة الآخرين وضحكاتهم. إذن هو يحب إسعاد من حوله ليسعد هو أكثر. وهو يرضى ولو بكى إن منعت عنه شيء يضره. وكأنه سمع الآية التي تقول: وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم. كما أنه دائما بشوش في استقبال من يعرفهم. ويحب الحركة واللعب. والخطوة الأخيرة أستخلصها من رضيعة في شهرها الثالث. فقد لاحظت كم تسعد بتأمل ما حولها. وكان يثير دهشتي عندما أجدها تضحك وهي لوحدها مستلقية على السرير. سيداتي آنساتي وسادتي؛ توصلنا بفضل من الله إلى عشر خطوات لتحقيق السعادة تناسب الجميع، وهي كالتالي: 1. الابتعاد عن الجريمة والاساءة. 2. العفو وعدم الحقد. 3. التوكل على الله. 4. حسن التعامل مع الناس والسعي إلى إسعادهم. 5. الثقة بالنفس. 6. الرضى والقناعة. 7. البشاشة وخاصة عند الالتقاء بالآخرين تمثلا بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: تبسمك في وجه أخيك صدقة. 8. التوازن في الحياة بالابتعاد عن الطمع والشره. 9. ممارسة النشاطات البدنية والألعاب الفكرية. 10. التأمل. ولكن،، يبقى هناك التحدي الوحيد في تحقيق السعادة، والذي يكمن بتغيير نفسك لتحقيق ما سبق. فيظهر وكأن مفتاح السعادة دوما بيدك، وأنك أنت دون غيرك تختار أن تستخدمه أو تركه ليصدأ. يوم واحد في شجرة
بقلم إشراق عرفة كم حقا أتمنى لو أعيش يوما واحدا في شجرة. ليس إلا لأرى أبعد مما يعطيني النظر من رؤية، وأسمع غير ما اعتادت أن تسمعه أذناي، ولأكون أقرب إلى الأرض الدافئة، والتي ما انفك كثير من الناس يقولون إنها كالأم هي رائعة. فتعالوا نتخيل معا ماذا سنشهد لو تحققت هذه الأمنية. أنا الآن في شجرة. وأول ما سألاحظه هو جمال زرقة السماء. ياه كم يوم يفوتنا دون الاستمتاع بهذا البهاء. ثم ما هذا الدخان وما هذا الصراخ. سألت الغيوم فقالت إحداهن إنها فزعة من منظر الحرب والدماء، ومن تلوث المياه ومن ومن. ياه كم انت ناحبه يا غيمة. تركت الغيمة. أنا أردت أن أكون في شجرة لأسمع غير هذا. فقد بصمته من كثر ما سمعته من التلفاز. أجد الآن عصفورة تقترب. ما بها كلها جزع وفزع. سألتها ما بك يا عصفورة. قالت صيد جائر. لا يرحم وكأنه ثائر. هززت بأغصاني رافضة أن تحط على إحداها. سئمت من كثرة ما سمعت عن تداعيات الصيد الجائر. هذا يوم جديد. فأنا في شجرة لأعرف غير هذا. أردت أن ألوي رأسي. أين الريح مالها ساكنة. هنا جاءت بعوضة. قالت احتباس حراري لعين. جف الماء الصالح وبقي القذر وكله جراثيم ومرض. قلت فزعة ابتعدي ابتعدي سمعت ما يكفي عن الأوبئة. ثم ما هذا الذي يمشي على جذعي. ما بك يا دودة. مكانك في الأرض الدافئة. قالت: أنا منها هاربة. لم تعد دافئة بل باردة خاوية. ليس فيها سوى المبيدات والهرمونات وأسمدة صناعية. اسكتي يا دودة. آه لو تمكنت من طرحك أرضا. ولكن غصني جاف. آه أين أوراقي؟ اجتمعت حينها الدودة والبعوضة والعصفورة أمامي والغيمة من فوقي وقلن لي: ألا تعلمين أنك تحتضرين. لم يبق منك سوى هذا الجذع الأجدع وأغصان خاوية. فالماء جف منذ سنين والأمطار أضحت صفراء وكل هذا نتيجة طمع الإنسان. فقلت: ما هذا الحال الذي لم يتغير؟ حتى البؤس وصل الى هذه الشجرة؟ والتي اخترتها بعيدة منزوية؟ يا إلهي إننا هالكون! البلدة الإسلامية
بقلم إشراق عرفة في هذه البلدة الكل يعمل. لا مجال للكلل أو للملل. الطفل يلعب والشاب يدهن والفتاة تدرس والرجل يبني والشيخ يكتب. أمّا النساء، فيجتمعن في حلقات للذكر ولمساعدة بعضهن البعض من نسيج وحياكة وزرع وطبخ وقطف. ويتشارك النساء والرجال في مهن وخدمات كالطب والهندسة والفن والتعليم. في الفجر وبعد الصلاة، يجتمع أفراد العائلة الواحدة على مائدة الإفطار. يأكلون خبزا من قمحهم وفاكهة من مزرعتهم وجبن وحليب من أبقارهم. أما الغداء، فهو في مختلف المساجد مشاركة مع أهل المدينة. وفي العصر، وقت القراءة وحفظ القرآن. وبعد صلاة المغرب فهو اجتماع لمجلس المدينة لمناقشة الأحوال ومراجعة للخطط الاستراتيجية. وهناك حدائق ومسابح وميادين للخيل والرماية بأجور رمزية. وفي كل مسجد يوجد مكتبة دينية وثقافية ومركز للاتصالات. المدارس تعلّم الإبداع والتفكير، والجامعات تعلّم مناهج البحث العلمي ومنها يخرج التطوير. ولا يتخرّج أيّ طالب إلّا بمشروع تطويري أو فكري للبلدة كل بحسب تخصصه. المراكز التجارية قليلة، فالمساحة اكتسحتها مختلف المكتبات ومحال خاصة لبيع الفكر والمهارات. الكل له حرية في العقيدة والصلاة والتعبير. والكنائس والمعابد جمبا إلى جمب مع المساجد. لا تطرّف ولا تمييز. والكل يصدق الكلمة والأمانة. لا يوجد سجون لتطبيق القصاص والحدود. التكافل الاجتماعي مراقب عن طريق دور العبادة. فأي شخص يغيب عن الصلاة يتم زيارته والتواصل معه. الزوج يحترم زوجته، والابنة بارّة بوالدتها، والولد سند أبيه. الشاب يغض البصر عن الفتاة، والفتاة تحتشم في اللباس. كل يأخذ بالأسباب لئلا يلوم بعضهم بعضا. لا يوجد مراكز للأيتام، وإنما هم في كل عائلة. ويذهبون مع أبناءها إلى المدارس، والتي فيها يتميّز المعلّم بامتلاكه للكثير من المهارات الخاصة. فالمهنة ليست سهلة وهناك شروط إجبارية، فالمعلّم أقرب إلى أستاذ الجامعة من حيث الثقافة والعلم. والصفوف ليست مكتظة، والمسابح ملحقة في كل مدرسة. لا أحد يهمل نظافة الأمكنة، فلا وجود عمّال للنظافة، لأن الكل مسؤول عن نفسه ومكانه. الجو صاف والهواء منعش والأرض نظيفة والمياه نقيّة. المشاريع والاستثمارات مرحّب بها بشرط أنّها تفيد الإنسان وليس من أجل المال. وهناك رقابة حاسمة لا تعرف الخوف من هيئات وصحف. فلا مجال للغش أو للاحتكار. فالعدل يعمّ المكان. وأي دواء أو غذاء يتم فحصه قبل طرحه في الأسواق، وذلك في معامل البلدة والتي تتميز بالدقة وسرعة المعالجة. الأم تربي أبنائها على الكتاب والسنّة. وتعلّمهم خشية الله وعن وجود للجنّة. تراقب سلوكهم وتسأل المعرفة حول أصول التربية. لا تنفعل عند الخطأ، بل تجده فرصة للتعليم وللتوضيح، فهي لا تنسى أنها كانت ابنة. الجدّات يجتمعن مع الأحفاد في كل مساء لنقل خبراتهم عن الحياة، والحكم والأمثال، ويحكون مختلف القصص التي تعكس الأدب والأخلاق. بالنهاية هذه البلدة ليست وهمية، وإنّما تعكس بعضا من القيم والأخلاق الإسلامية. من أروع الأمثلة على فلسفة التغيير قيام شركة سامسونج بعرض تجربة استخدام هواتفها الذكية لمستخدمي الآي فون، وبشكل مجاني ولمدة شهر. فهي بذلك أتاحت لهم الفرصة بتجربة شيء جديد، وبشكل يتجاوز مخاوفهم من أي خسارة أو متعة في امتلاكهم لأجهزتهم الحالية التي ألفوها لعدة سنوات. فمشكلة التغيير تكمن في الصعوبة التي يواجهها الإنسان من التخلص من العادة، ومن التعلق العاطفي لمختلف الأشياء، وذلك نتيجة الخوف من الخسارة. فالإنسان يهوى ما ألفه، ويظن أن التغيير نحو الجديد سيفقده ما يملك أو سيمنعه مما لاذت له نفسه وطابت. وهذا ما يتضح في صعوبة الإقلاع عن التدخين لدى المدمنين، فهم لا يستطيعون تخيل الحياة دون النيكوتين أو بوجود بديل يعطي ذات النشوة وذات البريستيج. ولكن لو تمكنوا من التواصل مع المقلعين، لوجدوا مدى السعادة والصحة والنشاط الذي ملأ حياتهم. ومنهم من تمكن من ممارسة الهوايات المفيدة كركوب الدراجة والسباحة والحصول على لياقة تفوق أي بريستيج. هذا إضافة إلى تضاعف طاقاتهم لإنجاز العديد من الأعمال؛ كالخيرية وحتى تلك التطويرية، سواء في مجال عملهم أو في مجالات أخرى. ولكن كيف يمكن تحقيق التغيير؟ إن الخطوة الأولى تبدأ بتجديد الروتين. فمثلا من اعتاد على الافطار على سيجارة مع فنجان القهوة، فليبدأ يومه في ممارسة رياضة الجري. وممن تعاني من السمنة وتريد الرشاقة، فإن الحل ليس بالامتناع عن ما لذ وطاب، بل بتغيير العادات خلال اليوم. وهذه برأيي فرصة رائعة لإدخال مختلف أنواع الخضروات والفاكهة ضمن النظام الغذائي والاستمتاع بمختلف عصائرها والتمتع بفوائدها الصحية، بل وبابتكار العديد من الوجبات، فيكون وقت الوجبة بذلك أكثر متعة بتحضيرها بدلا من أن يكون وقتا لالتهام الوجبات الجاهزة ومختلف المشروبات الغازية الضارة. هذا إضافة الى فرصة الالتزام بشرب الكثير من الماء والذي يوصي به العديد من خبراء التغذية والأطباء، كشرب كوبين من الماء قبل كل وجبة، وأخيرا يأتي وقت الرياضة في المساء لتكون بديلا عن المقرمشات وأية سكريات، وهكذا. وتظهر فلسفة التغيير واضحة في الدين الإسلامي. وذلك عندما حرم الإسلام الخمر. فمن المعروف الإدمان الشديد الذي كان عند العرب عليه. ولذلك لم يأتي أمر منع شربه فجأة، بل جاء تدريجيا من خلال منع تناوله عند أوقات الصلاة، ونظرا لوجود خمسة صلوات خلال اليوم، فكان التغيير في روتين الشرب كبيرا، ولذلك تمكن المسلمون من تنفيذ الأمر الإلهي في الامتناع عن الشرب تماما بعد ذلك. ولا أحد يستطيع أن ينكر كيف تغيرت حياتهم بشكل كلي نحو الأفضل، كالتطور العلمي الهائل الذي تميز به العصر الذهبي للإسلام، فبدلا من تمضية الساعات بمعاقرة الخمر في مختلف الأندية، أصبح هناك تركيز على الترجمة والتأليف والبناء والفلك وبفتح مختلف الأمصار وغيرها. لذلك إن أردت تغيير عادة أو التخلص منها، ما عليك سوى القضاء على الخوف الداخلي من تجربة الشيء البديل ومن خسارة ما اعتادت له نفسك وألفته، ثم ابدأ بتجديد الروتين. فاعط لنفسك الفرصة ولا تحرمها من إيجاد المتعة والسعادة في التغيير. في مشهد يتكرر بشكل يومي في مختلف البلاد العربية، تزدحم سيارات الموظفين وباصات العمال على الجسور وإشارات المرور في كل صباح ومساء، وبوتيرة واحدة ثابتة تكاد لا تتغير مع تغير الطقس ومختلف الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فكل ما يهم هو الالتحاق بدوام العمل، وإلا كيف سيتم دفع أقساط المدرسة والمنزل والسيارة، ومصروفات الطعام والشراب والدواء، وفواتير الماء والكهرباء والاتصال؟ إضافة إلى غيرها مما تستحدثه الحياة من ماديات؟
وبالرغم من قدرة الأجر في بعض الأحيان على تحقيق بعضا مما سبق، تجد السواد الأعظم من أولئك الموظفين والعمال يعانون من الإحباط والاكتئاب، والتعب والإرهاق، والتذمر من ساعات العمل الطوال. وقلة التقدير والاحترام، ومختلف مؤامرات الزملاء والاضطرار إلى التملق وتناسي الكبرياء. أما الموظفات من الأمهات فتجدهن لاعنات غاضبات من سوء معاملة الزوج، وتمرد الابنة، وعدم نظافة الحاضنة، وسرقة الشغالة. ومن جانب آخر، نجد استهلاك العمل ليس فقط للصحة وللبال بل للحياة الشخصية وللأحلام. فتتقطع أواصر الأرحام وتندثر الهوايات وتنعدم توجيهات الأسرة للأبناء ولا يبقى من الحياة سوى روتين العمل الذي يفرض أسلوب العيش للبشر. فما سبب أسلوب الحياة العصري هذا؟ في نظرة تحليلية عامة نجد هذا الأمر وكأنه مستهدف ومخطط له، بحيث تقضي الشعوب العربية حياتها في الكد لتسيير أعمال فئة معينة من الناس ممن تملك رؤوس ضخمة من الدولارات بحيث مهما مضى من الأيام لا تخرج من الحسابات، بل تتنقل بين هذا وذاك ويبقى العرب لاهثا وراء تلبية الشهوات من مختلف المستهلكات غاضا للبصر عن المحرمات متجاهلا لتطوير الذات ومساندة الاقارب والجيران، وما يحصل من انتهاكات للمقدسات والارواح. فهل تحررنا حقا من الاستعمار؟ وهل هناك سبيل لنيل الحرية على الأرض وفي الفضاء؟ ما هوايتك؟
بقلم إشراق عرفة دائما ما كان يتم طرح هذا السؤال علينا في المدرسة عند تعليمنا ونحن أطفال كيفية التعارف على الآخرين، وباللغتين العربية والإنجليزية. وأذكر أن إجابتنا كانت دائما نموذجية يتم تلقينها لنا ولا تعكس حقا ما نهواه؛ وتقتصر على 'السباحة وركوب الخيل'. فمصطلح (هواية) بحسب المعجم اللغوي اسم من الفعل (هوى) بفتح الهاء والواو، وتعني 'إرادة النفس وميلانها إلى ما تستلذ'. والهواية : 'اللعب أو العمل المحبوب يشغف به المرء ويقضي أوقات فراغه في مزاولته دون أن يحترفه'. ومن هذا التعريف لا أجد أن هوايتي كانت السباحة وركوب الخيل في ذلك الوقت، فبالرغم من شغفي بهما، إلا أنني لم أمتلك اسطبلا أو مسبحا يمكنني حينها تمضية وقت فراغي من خلالهما، وإنما كنت أهوى اللعب على الدراجة أو الأرجوحة في ساحة المنزل. وبعكس التعريف اللغوي، فقد احترفت ركوب الدراجة وأيضا ركوب الأرجوحة، ولو أدركت المدرسة ذلك في حينها لربما أخذت موضوع الهواية على محمل الجدية، مما يجعلها قادرة على توجيه وتدريب الطلبة على احتراف العديد من الهوايات المفيدة؛ كالتركيب والتصنيع والرسم الهندسي والخياطة وحتى الطبخ، طالما أنها تطلق الطاقات الابداعية لدى الطفل وتجعله قادرا على اكتشاف ذاته واتخاذ القرار بنفسه. ولكن ما أهمية ذلك في الواقع الذي نشهده من قتل وتدمير واغتصاب للنساء والمقدسات؟ برأيي أنها توجد جيلا قادرا على اتخاذ القرار وعلى إيجاد الحل لمختلف الأزمات بدلا من مشاهدتها وترك المشكلة والحل على عاتق الغير ممن نطلق عليهم اسم (الخبراء)، فهم نوعا ما يلقوننا الحل وما علينا فعله. إلا أننا في زمن بغنى فيه عن تحليلاتهم السياسية والاقتصادية وتنبؤاتهم الجوية والمستقبلية! الأقصى الان في خطر يهدد وجوده، ودول الجوار تتمزق فيها القيم والأجساد، والإسلام أصبح مرتبطا بالإرهاب، ونحن لا نزال نأكل الطعام والشراب وكأننا نوافق على جميع تلك الأفعال. فإلى متى سيبقى سؤال (ما هوايتك) مقيدا في كلمات السباحة وركوب الخيل؟ وهل ستفكر مليا في الجواب إن سألتك الان ما هوايتك؟ لماذا التطبيل للخواجا؟
بقلم إشراق عرفة ربما حان الوقت للتوقف عن استيراد مختلف برامج التلفاز الأجنبية وغيرها إلى الثقافة العربية والإسلامية. إذ لا يزال صدى غضب الشعب الاردني من قناة (رؤيا) يتردد في مواقع التواصل الاجتماعي على البرنامج الذي بثته حول الايحاءات الجنسية في برامج الاطفال الحديثة، والذي تبين أنه نسخة طبق الاصل من برنامج أجنبي كان يعرض في النصف الاخير من القرن الماضي. وليست تلك القناة الوحيدة من تقلد البرامج الأجنبية، وإنما معظم القنوات العربية تحذو حذوها في إنتاج العديد من البرامج والمسلسلات المقلدة لثقافة الغرب، وللأسف تلقى تشجيعا من شعوب الوطن العربي الذي يعكسه النسبة الكبيرة من المشاهدين لتلك المواد. وخاصة تلك التي تعنى باكتشاف للمواهب واختيار أجمل الأصوات الغنائية وحتى التصويت لأولئك ممن يمتلكون مهارة الرقص! وهذا بالرغم من أن الوطن العربي أرض خصبة لإنتاج العديد من البرامج المحلية المفيدة والتي تعنى بالواقع وبمشاكل وهموم العرب. ومن جهة أخرى، نجد تمتع الغرب بالانتاج العلمي الغزير. أما الوطن العربي فيكاد يخلو من أي انتاج تطويري؛ سواء كان بحثا أو اختراعا، وإن حصل نجد أنه مهمش لا يلقى الدعم ولا التقدير الكاف. فعلى سبيل المثال، نجد أن مشاريع التخرج التي يبذل فيها الطلبة الجهد والوقت للتوصل الى مختلف التطبيقات والحلول والأنظمة والابتكارات تنتهي عند لجنة التقييم، وإلى ظلمة وضيق الرفوف الأرشيفية بدلا من رحابة الأرض ونور السماء. وقد أثار دهشتي شخصيا العديد من مشاريع التخرج لمدى تفوقها في تطوير العديد من مجالات الحياة العربية. أما إن كان المنتج أجنبي، فإننا نبذل الكرامة والمال لشرائه وتطبيقه، أو لتقليده وإن خالف التربة العربية. فلماذا التطبيل للخواجا بهذا الشكل؟ ترويج أم توعية؟
بقلم إشراق عرفة في المقابلات التي يتم فيها التحاور مع المنتجين والمخرجين وأحيانا الفنانين، نجد دوما أن تعليلهم لطرح قضية مثيرة للجدل هو تسليط الضوء عليها لتوعية الناس حولها. ومن أشهر هذه القضايا المخدرات والزنا والاغتصاب. فهي كما يقولون قضايا ساخنة. وبعد عرض لإحدى تلك القضايا على الجمهور كفيلما او كمسلسلا، تجد أنك في حيرة وراء السبب الحقيقي لعرضها. إذ كثيرا من الأحيان يظهر وكأنه ترويج لا توعية. ترويج للباس الفنانات الفاضح، ولممارسات شائنة كمعاقرة الخمر والمخدرات والتدخين، ولعلاقات غير شرعية تستتر تحت مظلة الحب. إذ يظهر جليا التركيز على نشوة الممثل واستمتاعه في التعاطي ومعاقرة الخمر، ومدى السعادة التي ملئت حياة البنت بعد وقوعها في الحب، ونشوتها في كل مرة تتواصل فيها مع حبيبها. وحتى تفاصيل ما تقوم به للقائه من اختيار دقيق للملابس وللعطور وللماكياج. ثم الطرق التي تفكر فيها للخروج سرا من منزل والديها للقائه. واخيرا محاربة أهلها والوقوف ضدهم لتتزوجه، أو أن تهرب معه. وكان آخر القضايا ما أذاعته قناة (رؤيا) بحجة على حد زعمها تسليط الضوء على برامج الأطفال الحديثة وما فيها من إيحاءات لا تناسب أعمارهم. إلا أنه ولسوء حظها أثار جدلا واسعا لدى الشعب الأردني والذي عكسه مختلف مواقع التواصل الاجتماعي. فالمشاهد لا يحتاج إلى عرض تلك التفاصيل المشينة ليفهم الرسالة! وأنا أختلف مع هذه القناة في زعمها، لأنه أصبح واضحا توجهها غير السليم في الترويج. وذلك بتعمدها في اختيار المذيعات والممثلات ممن لا يلتزمن بالآداب العامة في اللباس وباختيارها إعادة العرض لكثير من المسلسلات الملغومة مثل (لو) الذي قصته تتمحور حول زنا المحصنات، وحرصها على أن تكون السباقة في عرض ما يشبهه في مخالفة القيم والأخلاق. فتلك القضايا خادشة للحياء وللذوق العام أكثر من خدمتها في توعية البشرية. ولا يقتصر الأمر على هذه القناة. فنادرا أن تجد ما يفيد في برامج القنوات الأخرى الصباحية أو المسائية. معظمها سطحية تهتم بالشكليات من طعام وشراب وديكور. وإن تكلمت عن الصحة فلا بد أن تجد ما يخدش للحياء في جانب من جوانبها. مرة أخرى بحجة التوعية. والتي هي في الواقع تعرية. ثم تجد استخدام تلك المذيعات كعارضات للمكياج وللباس ولتسريحات شعورهن، وأحيانا وسيلة ترويجية في مختلف الدعايات. مثل انتشار صورة لمذيعة برنامج (صباح الخير يا عرب) بلباس مزركش وسؤال الناس على الفيسبوك بآراءهم حول مظهرها الجديد. وهي ذاتها من تروج لمنتج شامبو العباية. فهل كل هذا العناء من أجل فقط المال؟ وبالنهاية فلا يمكن الغاء دور العائلة أو استبداله في التوعية. فالتلفاز ترفيهي بالدرجة الأولى. ويهدف إلى الربح من مختلف منتجاته والدليل كمية الإعلانات التجارية التي تعترض ما يبثه للترويج لمختلف المستهلكات. والتي هي أيضا أكثرها مضرة لا تكترث لصحة المشاهد. فقد تم الكشف مؤخرا عن استخدام كميات هائلة من السكر والملح في المنتجات الغذائية التي تروجها الشاشة الصغيرة ليصبح لدى المستهلك إدمان عليها، وبالتالي زيادة مبيعاتها الذي هو زيادة في الربح. فالمشاهد لن يكسب وزنا فقط لطول جلوسه أمام شاشة التلفاز وإنما سيتعرض لأمراض الضغط والسكري وغيرها نتيجة استهلاكه لما تروجه تلك الإعلانات. وأستذكر الان اعتراف لإحدى الفنانات الأمريكيات ممن اعتزلن الفن مبكرا في منتصف القرن الماضي؛ بأن التلفاز كارثة وطنية. وأنها ألقت به خارج منزلها. ولا تزال تعوض وقتها في الفن بقراءة 40 كتاب شهريا!! |
Archives
November 2018
Categories |