تمهيد هذا الكتاب عمل. هدفه زيادة الوعي بالتفكير الأعوج والخطابات الجائرة عن الطريق السوي، ويوفّر طرقا للوقاية من الانصياع وراء تلك الخطابات، ومقاومة إغراء الساسة والخطباء والبائعين وغيرهم. يركّز الكتاب على أهمية سلامة لغة الخطابة كونها نوع من التفكير. وعلى ضرورة انتقاء كلماتها لما لها من أثر كبير في كافة مجالات الحياة. وفي نفس الوقت يعطي نصائح لمن يود التأثير على الجمهور، لا لإقناعهم بأفكاره، وإنما ليتمكّن من توصيل فكرته، وتحفيزهم، مثل قادة الأعمال والجيش. مقدمة الكلمات سلاح قوي ويجب عدم الاستهانة به، ويمكن فيه تحقيق الحرب والسلام. الكتاب ليس فقط حول التفكير الأعوج والتفكير المستقيم. المادة أكبر من العنوان وكان ينبغي استخدام حيل الكلام، لتعكس أكثر عن هدفه الرئيس. فهو يكشف طرق الخطباء في التأثير على تفكير الناس وطرق التصدي لها. كلمات شائعة من المهم الانتباه من الآن فصاعدا على الكلمات الشائعة، وإدراك معناها الحقيقي قبل توظيفها غير مكانها. معظم التعاريف الحالية للحيوان والنبات قد تحدّ من اكتشاف نباتات وحيوانات جديدة. ويكتشف الإنسان استخدامه الشائع للكثير من الكلمات دون موضعها. كالذكاء مثلا. فهو يشير إلى نوعية العقل، وليس حالة منه، مثل عدم القدرة على التعلّم. ليس هناك أبيض وأسود يُبيّن الكتاب أننا نظلم أنفسنا كثيرا باستخدام الأبيض والأسود. فذلك غير موجود، ولا يجوز، كما أنه ليس منطقيا ولا واقعيا، وله تداعيات عديدة. مثلا في تربية الأبناء، لا يجوز أن نحكم على الطفل أنه غبي، حال فشل في فهم مادة ما. معنى التفكير الأعوج التفكير الأعوج هو وجود صبغة انفعالية على الكلمات، بهدف التأثير على اتخاذ القرار السليم، لتحفيز أو إثارة مشاعر، لتحويل الجمهور إلى ناقدين بشكل أعمى. السياسة والدين ذكر الكتاب ميدان السياسة والحروب والقضايا الدينية وتأثيرهم في الآراء وعلى التفكير، باستخدام الخطباء في كل منها لكلمات مصبوغة بالانفعالات. انتقد الكتاب السياسيين ممن يعتمدون على استخدام خطابات انفعالية. وأشار إلى حجة الكثير بأهمية التمسّك بالعادات والتقاليد، ولكن لا يعني تمسك الناس بعقائد لفترة طويلة أنها صحيحة. الجرأة في الكلام عن الكتابة بيّن الكاتب أن من أبرز حيل الخطباء هو خلط أكثر من أسلوب في الكلام. مثل الألعاب اللغوية. وخاصة مع وجود كلمات لا يتجرأ أحدهم على كتابتها، مثل وصف شخص أسود على أنه عبد. ونفس الشيء عند التعميم عن العدو، بأن يقول أنهم أشرار، أما الوطن فجيشه أبطال. وبالتالي غض البصر عن قسوة جنود الوطن. متى نستخدم اللغة الانفعالية لا يمكن الاستغناء عن اللغة الانفعالية. ولكن ليس في حالة الهجوم أو الإقناع. فنحن نستخدمها في الشعر والوصف وخطابات المدراء والقادة للتحفيز، لكن هذا لا يجوز في القضايا الوطنية والدينية والاجتماعية، مثل المذاهب الدينية، والإجهاض، والضرائب والديمقراطية، والملكية الفردية ومشكلات الوافدين، حيث الهدوء مطلوب للتوصل إلى القرارات الضرورية. التفكير المستقيم يمكن تطوير التفكير السليم عند قراءة الصحف أو الكتب. وذلك بوضع خط على الكلمات الانفعالية، ثم إعادة صياغتها بكلمات حيادية، ونعيد قراءة الجمل مرة أخرى. حينها سنحصل على التفكير المستقيم. التعميم ذكر الكتاب التعميم وأثره على التفكير، كمثال على التفكير الأعوج، مثلا في عبارة: "إن فقدت الحرية، سادت العبودية صوّت بإلغاء شرب الخمر". هذا خطأ لأن الخمر لا يحد من حريتنا الحقيقية. وهذا ينطبق أيضا عند الإجرام بحق الأعداء، وحرمان المرأة لحقوقها بحجة أنها أقل أهلية من الرجل، وهكذا. الحل لمشكلة التعميم إن الحل لمشكلة التعميم يكون بعمل تجربة دراسة أو استقصاء. وعدم الأخذ بالنتائج التي لا يمكن موافقتها أو إنكارها. مثل صفات الأعراق والألوان، كأن نفترض أن الأسود أقل ذكاء من الأحمر، أو أن الأستراليين لهم بنية صحية أفضل. وأخيرا، يجب عدم تجاهل الحقائق لأنها ببساطة تخالف فكرتنا. وكان أن ذكر كتاب نظرية الفستق أفكارا مشابهة، تجد القراءة الخاصة به من هنا. الاحتيالات والغش في الجدال الحيلة الأولى: المبالغة عندما يتجادل اثنان، قد يقول أحدهما: " إن أحوال العمال سيئة ويجب عمل ثورة." يجيبه الثاني: "هناك عمالا أحوالهم أسوأ في أماكن أخرى!" فيرد الأول عليه بمبالغة الأحوال السيئة. ويقوم الطرف الثاني هنا بالمبالغة في أحوال الرخاء لدى العمال، وهنا يخسر الجدال. إن الحل لهذه الحيلة، تجنّب المبالغة تماما، والمحافظة على الاعتدال، وعدم التطرف في الاتجاه المضاد. الحيلة الثانية: التوسيع من الأمثلة على التوسيع، قول أحدهم أن بعض الناس بخلاء، فيحاول الطرف الثاني دفعه إلى القول بأن جميع الناس بخلاء. فالحل المثابرة على الفكرة ولا تغييرها. أيضا الجدال حول السماح أو عدم السماح للفرق باللعب في الدول التي تختار فرقها بناء على التمييز العنصري، قد يرى المعارض أن حجب الفريق في اللعب في الدولة الإفريقية التي تعمل بمبدأ التمييز العنصري، أن نحجبه عن اللعب في الدول الأوروبية التي هي أيضا تخالف أحد مبادئنا الأخرى الخاصة بالعمران. هذا الاعتراض مرفوض لأنه تطرق لشيء ثاني لا علاقة له بفكرة الجدال. الحيلة الثالثة: استخدام الاستثناءات لإثبات القاعدة تتمثل هذه الحيلة عندما يتم القول بأن كل السود كلهم أغبياء، ثم جلب عينة منهم عباقرة لإثبات القاعدة. وهذا باطل. الحيلة الرابعة: الروغان أو التحويل هذه الحيلة منتشرة بشكل كبير، سواء كانت عن قصد أو غير قصد. وتعني تغيير الأفكار وتحويل موضوع المناقشة إلى موضوع آخر، مثل الجدال حول أن السود مضطهدين، فيقوم الطرف الثاني بالإشارة إلى قيام الدولة ببناء منازل لهم. طرق أخرى وهناك طريقة أخرى باستخدام الروغان، من خلال تصيّد الأخطاء البسيطة مثل التواريخ، أو عمل نكتة ليضحك الجمهور وتخمد حجة الخصم. مثل قول أحدهم ان الفقراء لا يملكون امتلاك قطة، فيقول الخصم إذن عليهم عدم امتلاك قطة. وهناك طريقة صدمة الجمهور بفكرة متطرفة، ثم قول ما يريده الشخص بهدف جذب الانتباه. وهناك طريقة ذكرها باسم نظرية الفروض الوهمية أي يتم التكلم عن شيء سلبي، فيجلب الطرف الثاني شيء سلبي أكثر. مثل جدال أحدهم كيف ازداد عدد موتى من الحرب، فيقول أحدهم أن من يموت بحوادث السيارات تفوقهم، هذه صحيحة في موضوع تغيير قوانين السير، لكن لا أن يتم استخدامها من أجل استمرار الحرب. يمكنه حينها التصدي له بالقول بأنه من المهم التصدي للحرب وللحوادث. فلا داع لأي أحد أن يموت! الحيلة الخامسة: الانحيازية مثل التوسّط بين الشيوعية والمالية والراديكالية، فاتخاذ الحياد هنا يكون خطأ. وهي حيلة شائعة. الحيلة السادسة: عمل مقدمة كاذبة لبناء عليها منطق سليم من ضمن الحيل المراوغة عمل مقدمتين كاذبتين، وبناء عليها نتيجة من منطقية صحيحة. وتسمى هذه الطريقة مغالطة الحد الأوسط غير المستغرق، لأن الحد المشترك بين المقدمتين لا تسير على كل الفئة، كالتعميم. إنكار اللامعقول تحصل مغالطات التفكير النظري في أمور تتطلب المشاهدة والتجربة، مثل إنكار التخاطر. فعدم القدرة على تصوّر الأمور لا يمكن إلغائها، فهو سبب ليس كاف بعدم حدوثه. استخدام نفس المصطلح في أماكن متعددة وهو استخدام كلمات ذات معان متعددة في أماكن متعددة من الجدال. والحل يكون بسؤاله تعريف المصطلح في المكان الذي استخدمه فيه، لمعرفة إن كان هناك تطابق في المعنى واللفظ، أم لا. الإيحاء يتبع الكثير من الساسة والخطباء أسلوب الإيحاء. والذي يتمثّل بالنظر مباشرة في العين، تكرار الكلام، والهندام المرتب، والوقوف بثقة، والتكلّم بوضوح وهدوء وثبات، وتصنّع الوجاهة من خلال السيارة الفارهة وادعاء امتلاك شهادات ما وخبرات حتى تثق الناس بهم وتستمع لهم. وحتى استخدام الكلمات الفنية والأجنبية لتوحي امتلاكهم للعلم والمعرفة. ويمكن التصدي من خلال سؤاله لمعنى تلك المصطلحات التي يستخدمها وعدم جعلها تمر مرور الكرام. تكرار القول الجازم يتم تكرار القول الجازم حتى تتخذ الناس قرارا عاجلا، دون فرصة بالتروي أو المطالبة بأسباب ذلك الرأي. والسبب هو عدم رغبة الخطيب بسماع الطرف الآخر، وفتح المجال لدى الجمهور للموازنة ومعرفة الخيار الأفضل. وهذا موجود بكثرة في إعلانات انتخابات التي تدعو للتصويت لأحدهم، دون ذكر إن كان أهلا لذلك أم لا. سؤال يتضمن الجواب ومن ضمن طرق الإيحاء سؤال يتضمن الجواب، مثل أنت من مؤيدي الديمقراطية، أليس كذلك؟ أو هل الزراعة ستستفيد من زيادة الضرائب على المواد المستوردة؟ هنا سنجزم بالضرائب على المواد المستوردة. يكون التصدي لهذه الطريقة بعدم الجواب، أو طلب تفصيل السؤال، ثم الجواب على كل جزئية لوحدها. إساءة استغلال الوجاهة لمعارضة العلم والاكتشافات يقوم بعض الوجهاء باستغلال مكانتهم للتأثير على الناس، لذلك يجب عدم الانصياع لرجال الدين والساسة وغيرهم دون دليل وحجة منطقية. يكون الحل بتنشئة جيل قادر على المناقشة والانتقاد. سببان داخليان للتفكير الأعوج إن كل من عادات التفكير، والتحيز أمران داخل نفس المرء يساهمان في جعله يفكّر بشكل أعوج. ونقصد بعادات التفكير، هي التي تحصل بفضل العادات الاجتماعية والمنفعة الذاتية وعوامل انفعالية قوية. ويمكن استغلالها من قبل الآخرين. أما التحيّز، هو يتمثل عندما نقرأ رأين مضادين لمشاكل مختلفة ذكرتها الصحف وغيرها. نجد أنفسنا في الكثير من الأحيان لا نحاول التفكير في طريقة جديدة، لأنه يؤدي إلى جهد فكري، مما يجعلنا فقط ننحاز لأحدهما دون وعي. استغلال عادات التفكير وفيها يبدأ الخطيب بالأفكار التي تحبها الناس، ثم يدخل أمور يمكن أن ترفضها لو سمعتها في البداية. يقول الكاتب أنه علينا امتلاك مرونة عقلية لنعيش في عالم متغير، ومن دونها سيحصل إفناء الجنس البشري كالحروب وتلويث البيئة. التحيّز وتعني رفض سماع المنطق إن كان الأمر يعارض المنفعة الذاتية أو يهدد الروابط الاجتماعية. حيث تميل الناس لما يحقق لها المال وأمن العيش. ويمكن إدراك التحيّز لدينا عندما تكون الآراء متوافقة مع أهوائنا. ومن الأمثلة للتحيّز، استخدام حجج في مواضع وتركها في أمور أخرى. مثل مقاومة أجور العمال بحجة التضخّم المالي، والسكوت عنها عند زيادة رواتب مديري الإدارة. والحل بجعل الشخص يستخدم نفس الحجة على أمور أخرى. التبسيط التبسيط يؤدي إلى التفكير الأعوج بإغفال العديد من الحقائق، مثل قول أن داروين تتمثل نظريته أن الإنسان كان قردا. أو أن فرويد يرى الجنس كل شيء. وهذا ما يستخدمه أصحاب الدعايات والشعارات، لأن الناس لا تميل الخوض في التفاصيل، وتنقل وتحفظ البسيط منها. يمكن استخدام الشعارات لحث الناس على العمل، ولكن لا لإقناعهم لعمل شيء ما. مزالق القياس تحصل مزالق القياس عند توفير مثال غير مناسب بهدف الإقناع. ويكون الحل من خلال التفكير في الأمثلة المطروحة، وفيما إن كانت تطابق الكلام أم لا. Comments are closed.
|
تتميز هذه الصفحة بملخصات للكتب القيّمة مع التحليل الشخصي والإضافة والنقد لها
Archives
May 2021
Categories |