قراءة في كتاب نشأة العقيدة الإلهية لعباس محمود العقاد
بقلم إشراق عرفة هو موسوعة فلسفية تاريخية دينية، يقع بطبعته التاسعة في 288 صفحة من نشر دار المعارف. وفيه قسّم العقّاد الكتاب إلى ثلاثة فصول: الأديان السحيقة، الرسالات الإلهية، والأديان بعد الفلسفة. وهدفي من هذه القراءة بيان تاريخ الديانات ونعمة الإسلام بنزول القرآن القديم، والذي جاء على لسان الرسول الكريم محمد صل الله عليه وسلم، ودوره في إزالة الكثير من التلفيق والغلط في الكتب الأخرى وأفكار الفلاسفة. إضافة إلى بيان حقائق فلسفية شغلت عقل الإنسان قرونا طويلة من دون الاهتداء إلى الحقيقة الكاملة، مثل: الكون والموت والحياة. القسم الأول – تطوّر العقيدة: نشأت العقيدة مع نشوء الإنسان خوفا من الطبيعة وطلبا للأمن والطعام والمال، أو نتيجة الادراك بوجود رب لهذا الوجود مع ازدياد العلم والمعرفة لدى الإنسان. وكان قد أفاد علماء القرن التاسع عشر بانفصال العلم عن الدين. ثم تبيّن خطأ هذا الفكر مع بداية القرن العشرين؛ بإدراك أن العلم هو طريق الوصول إلى الله. وهذا بالضبط ما اتفق عليه سيّد قطب في مجموعته (في ظلال القرآن) ببيانه للعديد من المؤلفات الغربية والتي توضّح مساهمة الاكتشافات العلمية في تغيير نظرة أصحابها إلى الوجود الإلهي، مثل كتاب (الإنسان لا يقوم وحده) للمؤلف أ. كريستي موريسون. ومع نشأة العقيدة، اتخذت شكل العبادة فيها لمخلوقات هائلة، كالشمس والطواطم، والتي هي حيوانات أو طيور ظن الهمج باحتوائها على روح الإله فعبدوها ومنعوا ذبحها وأكلها. ثم تطورت العقيدة بمرورها بثلاثة أطوار: التعدد، التمايز، والوحدانية. وأصبح هناك ثنائية للوحدانية كنوع من الارتقاء لتفسير وجود الشر إلى جانب الخير في هذه الحياة. وشمل التعدد عبادة الأسلاف كما كان في عرب الجاهلية. فالأصنام التي تم بنائها حول الكعبة كانت لأجدادهم من الصالحين تخليدا لذكراهم، ثم ما انفكوا أن عبدوها. وأما التمييز فقد جاء بحسب حاجة القبائل. فإن أرادت امطارا، جعلت إله المطر أسمى من إله الريح، وهكذا. وتجسدت الوحدانية في مصر القديمة ولكن بأسماء متعددة مثل رع وتوت. واشتركت هذه الأطوار في تطوّر العقيدة بعبادة الأرواح والشمس. فكان الهمج يعبدون الأرواح، والأكثر حضارة يعبدون الشمس. ثم يتطرق الكاتب إلى محاولة الأقدمين في تعريف الوجود وحقيقة الله. فيرى الكاتب أن أفضل تعريف للوجود بأنّه اللا معدوم. وليس بما يحدده الحواس لأنه بذلك حددنا الوجود بوجود آخر، وهذا ليس بأساس صحيح. ومنها يسلّط الضوء على الحاسة السادسة والتخاطر عن بعد والتنبؤ بالمستقبل وكيف انها تحصل دون الإحساس فيها كنوع من إثبات فكرته السابقة. وبالنسبة إلى حقيقة الله، فبيّن أن الله ذات. ليس بشخص أو أي شيء يمكن تصوّره. أمّا الدول التي شهدت التطوّر في العقيدة وعممتها على شعوبها، فهي مصر والهند والصين واليابان وفارس وبابل واليونان. فمصر شهدت كل أطوار تطوّر العقيدة. فالتعددية عكستها عبادة الطواطم كالقط والنسر وابن آوى إضافة إلى الأرواح والأموات. وجاء التمايز والتوحيد بعبادة الشمس أو الإله رع. ومع اتساع الدولة المصرية في عهد تحوتمس الثالث أصبح هناك نفوذ للكهان المونيين فخاف الملوك وبدلوا اسم أنون بأمون لإضعاف تأثيرهم على العامة. ثم مع تولي أخناتون الحكم قمع أولئك الكهان ودعا إلى توحيد العبادة، وهي أتون فقط أي الشمس، والتي وصفها بصفات الكمال تشابها مع ما وصفته المزامير العبرية. وفي الهند، كانت ديانتها مزيج بين أهلها الأصل والقبائل اﻵرية التي أغارت على البلاد قبل عدة قرون، إضافة إلى تأثرها بالديانة المصرية والبابلية. وفيها كان هناك تعدد للآلهة وعبادة الاسلاف، ثم تقديس الملك والذي هو موروث من تقديس جد القبيلة. وهذا يبيّن إلى أي درجة تقهقرت فيها الدول العربية بتقديسها لرؤسائها وبالقضاء على أيّة محاولة لتوعية شعوبها بمدى الشرك الذي يقعون فيه بذلك، كإعدام سيد قطب بسبب كتابه (معالم في الطريق). وبالعودة الى تاريخ الديانة في الهند. نجد أنهم عبدوا الطواطم والحيوان لاعتقادهم بتناسخ الأرواح. وانقسموا بعد ذلك الى فريقين: فريق وحّد الله كذات، والآخر آمن بتجدد الإله كما يتجدد البشر. وجاءت الفلسفة البوذية قبل المسيح بخمسة قرون لتقويم سلوك البشر من أجل الخلاص من دورة التجدد. وهي تقوم على أربعة مبادئ: وجود العذاب، سبب لدخوله، قابلية زوال السبب، وأخيرا وجود وسيلة للخلاص والنجاة. وفي الصين واليابان، تشابهت العقائد فيهما من عبادة الأسلاف والأرواح، واستعاروا البوذية والمسيحية والإسلام، ومزجوا عبادة الشمس مع عبادة الأسلاف. ولا يوجد طقوس معينة لصلواتهم كون عبادتهم تتمثل بالالتزام بالآداب عند التعامل مع الناس، ومقابلة الإحسان بالإحسان، فلا غلو ولا تطرّف. إلا أن اليابان كانت تغلو بتقديس الإمبراطور. وفي فارس كانت عقيدتهم المجوسية التي جاء بها زرادشت المولود عام 660 قبل المسيح. وهي عقيدة تنكر الوثنية، وتؤمن بالثواب والعقاب، وبثنائية التوحيد؛ أي وجود إله للخير، وآخر للشر، بحيث يتنازعان ويغلب أحدهما الآخر في كل مرة. كما أنّهم قدسوا النار. ثم تجددت هذه العقيدة إلى مذهب مترا الذي يقدس الملوك، ومذهب ماني المأخوذ من المجوسية والنصرانية. أمّا بابل، فلم تتجاوز ديانتها عبادة الشمس والأفلاك وأرواح أبطالهم بعد مقتلهم في المعارك. وشملت اليونان جميع العقائد والمأخوذة من الآسيوية والمصرية، فكانت فيها عبادة للأسلاف والطواطم والأعضاء التناسلية ومظاهر الطبيعة. القسم الثاني - الرسالات الإلهية والفلسفة: 1. عبد بني إسرائيل أو العبرانيين الأوثان من مختلف أشكال التماثيل، وكانوا ينسبون إلى آلهتهم صفات الإنسان. وبقيت فيهم هذه الوثنية حتى بعد دعوة سيدنا إبراهيم وموسى عليهما السلام. ثم تطوّر تصوّرهم إلى الإله بوصفه بصفات الكمال. ومن رسالة بني إسرائيل بيّن الكاتب تباين قصة الطوفان عند الأمم القديمة. فعند البابليين تقول القصة أن الساحرة بوشيكا أخرجت نهر فونزا من مجراه فحصل الطوفان ولم يسلم إلا من تبعها إلى الجبال. أمّا المكسيكيين فتقول روايتهم أن الطوفان جاء لينهي العصر الأول من الخليقة، ونجا رجل واحد اسمه تزبى وزوجته ششكتزال. وفي الرواية السنسكريتية، دعا ناسكا بخروج الماء ليغتسل، فخرجت منه سمكة تحذّره من الطوفان وتدعوه إلى بناء سفينة تكون هي دليله للنجاة. وهناك روايتان لدى الاغريق: الأولى تفيد بأن الماء علا حتى وصل السماء ونجا الملك وأهله بسفينة صنعها، وتقول الثانية أن الإله زيوس غضب على البشر فأغرقهم، فعلم برجيوس فنصح ابنه دوكاليون بصنع السفينة. وتشبه رواية اللتوانيين الرواية الأولى للإغريق. 2. أشار العقاد إلى دور الفلسفة الهام في التوصّل إلى حقيقة العقيدة. وبيّن تطورها جنبا إلى جنب مع تطور الدين، كونها منه يستعير الفلاسفة أفكارهم، كالروح وأسرار الوجود. وبذلك فإن تاريخ الفلسفة يرجع إلى القرن السادس قبل المسيح في عصر تمام نضج الديانة الإسرائيلية. وأول الفلاسفة المشهورين هو طاليس اليوناني، الذي قال بأصل الأشياء من الماء. ثم انكسماندر الذي قال إن أصلها مادة غير معروفة. أمّا هيرقليطس فاختلف معهما وقال إن أصل الأشياء هو نار غير مخلوقة. وآمن فيثاغورس بأن العدد هو الأصل، كون النسب العددية هي التي تميّز الموجودات عن بعضها البعض، كالعدد الذري في كل مادة. وكان هناك ثلاث مدارس سبقت بوجودها المدرسة اللاتينية التي تخرج منها افلاطون وارسطو وسقراط، وهي: إيطاليا الجنوبية، ومدرسة الرواقيين، ومدرسة أبيقور. ومن أهم المسائل التي ناقشتها هي الوجود وأصل المادة والإلهيات والروح. ولم تتفق هذه المدارس في نظرتها لتفسير أي مما سبق. وكانت المدرسة اللاتينية الأكثر رجاحة ومنطقا. فسقراط أسس قواعد البحث والمنطق. وتبعه تلميذه أفلاطون. وتوسّع أرسطو في تفسير ما وراء الطبيعة ووضع علم المنطق. 3. المسيحية: وفيها بينت حقيقة الله وعلاقة الانسان معه بشكل لم تبينه أيّة ديانة كتابية أو غير كتابية. ورفعت هذه الديانة من مكانة الضمير الإنساني، ونادت بتطهير النفس بالإيمان الصادق وليس بالشعائر الخالية من أي أساس صادق. وتدعو الجميع إلى المحبة والسلام. وكان أن كُتبت الأناجيل بعد عصر المسيح بجيلين. 4. الإسلام: ظهر الإسلام بعد ستة قرون من مولد المسيح، وفي زمن اختلطت فيه أفكار اليهودية والنصرانية بأفكار فلاسفة الإغريق والمجوس. فهو أول دين صحّح وأكمّل التصوّر عن الله والوجود. فمثلا، يرد على أرسطو بان الله عالم بكل شيء وليس ذاته فقط. وأنّه فعّال ومريد، وليس كما قالت اليهود على أن يده مغلولة. كما أعطى بيانا عن حقيقة البعث والجزاء بالجنة أو النار، ومعه تم إنزال مختلف الشرائع لتنظيم الحياة. القسم الأخير - الأديان بعد الفلسفة: اختلفت اليهود بصفات الله، وتحاربت المسيحية في تفسير الأقانيم الثلاثة: الأب الابن والروح، وفي الإسلام ظهر الجدل حول من له الأحقية في حكم الأمة، والجبر والاختيار-وكنت قد كتبت في هذا الموضوع مقالة، منشورة في صفحة المقالات-وخلق القرآن، ورؤية الله. ثم شرح العقّاد ما حصل للفلسفة بعد الأديان الكتابية، كظهور ديكارت وجورج بيركلي وسبونزا وغيرهم ممن ناقشوا حدود المعرفة للعقل والحواس والعلاقة بين الله والطبيعة. وأقدمهم مذهب المعرفيين أو الجنوسيين، والتي شاعت بعد اليهودية والمسيحية. فرأيهم المعرفة سبب الخلاص والرجعة الى الله. وتطرّق الكاتب قليلا إلى حالة التصوّف. فبيّن الكاتب بأنها حالة فردية يتميز صاحبها بالعبقرية. وفيه يتمكّن من الشعور والاحساس بحقائق الدين والعبادة، والتميّز عن باقي الناس بالزهد وبفكر خاص حول الذات الالهية والشر والحب. وفي آخر الكتاب عدد العقّاد البراهين على وجود الله وصفاته في المذاهب الفلسفية القديمة والحديثة والقرآن الكريم والعلم الحديث. قراءة في كتاب الصحة النفسية للمراهقين للطبيب حاتم آدم بقلم إشراق عرفة كتاب هام لكل عائلة، غنيّ بالنصائح والإرشادات ويقع في 375 صفحة من الحجم المتوسط. بداية، عرّف الدكتور مرحلة المراهقة وما يحصل فيها من تغييرات ليسهل على الأهل فهمها والتعامل معها واحتوائها. ثم بيّن أن السبب الرئيس للمشاكل التي تحصل مع المراهقين هو اهمال الأهل لصحته النفسية بتركيزهم على أن يكون متفوقا في دراسته فقط. فلا يهم إن كان عنيدا أو وقحا أو مدخنا أو مستنفذا لعواطفهم وأموالهم أو كثيرا للسهر طالما أنّه متفوق في الدراسة. بينما الأصح والأفضل هو تعليمه اعتماده على نفسه وتحميله للمسؤولية وتشجيعه على القيام بمختلف الأعمال والحصول على أجر خاص به ليثبت نفسه ويحقق هويته بدلا من إشعاره بأنّه لا يزال طفلا متعلقا بأهله. ومن هنا تبدأ المشاكل التي يعانيها الأهل مع ابنهم المراهق سواء كانت عدوانية أو عناد أو تمرّد أو إدمان وحتى الشذوذ. أمّا الصحة النفسية فهي القدرة على مواجهة مختلف العقبات وإزالتها أو التأقلم معها في حال استحالة التخلّص منها. ونظرا لصعوبة التخلّص من العديد من العقبات والمنغصات، فقد أشار الطبيب إلى وجود العديد من الحيل التي يمكن أن يلجأ إليها المراهق. ولكن للأسف الكثير منها بسبب عدم التوجيه تؤثر على صحته النفسية، كأحلام اليقظة، الانكار، العزلة، الكبت والقمع، العدوانية، وغيرها. أما أفضل حيلة يمكن أن يتبّعها المراهق دون أن تؤثر على نمو نفسيته ومستقبله هي وجود قدوة يحذو حذوها كالرسول محمد صلّ الله عليه وسلّم. إضافة إلى تغيير في الخطط. فإن لم يستطع المراهق تحقيق هدف ما، فليغيّره. أمّا لقهر الرغبة في العدوان، فيمكن التنفيس عنها بممارسة ألعاب رياضية عنيفة كالملاكمة والتايكواندو. ومن الممكن أيضا تعويض الحاجة إلى الإنجاز بخدمة الآخرين كمساعدة المحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة أو الأهل والأقارب. وأخيرا يمكن تأجيل إشباع رغبة ما كالجنسية إلى حين الالتقاء بالشريك المناسب. فهذه بعضا من الحيل المفيدة التي يمكن من خلالها المراهق التعامل فيها مع غرائزه والمثيرات الخارجية. ثم بيّن الكاتب الطريقة الصحية لتعامل الأهل مع المراهق. فيجب أن تكون كلها احترام واستماع لرأيه دون استخفاف أو تقليل من شأنه. إضافة إلى التشجيع الدائم له والإثناء على ما يقوم به من أعمال جيدة، وتحفيزه على تحمّل مختلف المسؤوليات من خلال أنه قادر على فعل ذلك، أو أنّه أصبح الآن كبيرا كفاية، وهكذا. ومن الأمور التي يجب إشراك المراهق فيها هي القيام بمختلف الخدمات للمنزل مثل التسوق أو الاهتمام بأخوته أو مشاركة الوالد في زياراته. وبهذه الطريقة سيشعر المراهق بذاته ويشبع حاجته للظهور والتميّز عن باقي أخوته، ولن يحتاج إلى إشباعها في الخارج. ولحماية المراهق من الانضمام إلى رفقاء السوء، يتم تشجيعه من قبل والديه في المشاركة بمختلف الأنشطة كالأعمال التطوعية ومساعدة الفقراء والمساكين، والرياضات كالسباحة وكرة القدم والسلة وغيرها، وتنمية مختلف الهوايات. وبذلك يبذلون فيها طاقاتهم وينالون التقدير والاحترام وخاصة عند تفوقهم في تلك الأنشطة، فيتم إشباع رغبتهم في الظهور والتميّز ولا يحتاجون إلى الانضمام إلى أية شلة سوء تهدد نمو شخصيتهم وتهلك مستقبلهم. وبيّن الكاتب دور الإعلام في التأثير السلبي على نفسية المراهق. فمثلا تم اكتشاف أن ازدياد حالات العدوان لفئة المراهقين في الغرب والشرق سببها مشاهدة العنف في التلفاز والألعاب الالكترونية. كما أن التدخين والإدمان الموجودة في مختلف مشاهد المسلسلات والأفلام تشجّع المراهقين على تجربتها، وكنت قد كتبت مقالة حول هذا الموضوع تحت عنوان (ترويج أم توعية؟) يمكن مطالعتها ضمن قسم المقالات. هذا إضافة إلى المشاهد الخليعة أيضا التي تؤجج من رغبة المراهق الجنسية. وأما لتفجّر الرغبة الجنسية، فبيّن الكاتب أهمية دور الأهل في التعاطي معها من خلال عدم إنكارها أو وصفها بالإثم والعيب. وإنما يجب عليهم التحاور مع المراهق وبيان سبب وجود هذه الفطرة دينيا وكيفية التعامل معها من خلال إفراغها في الحلال عند الزواج، والتحاور معه إلى ضرورة تجنّب الزنا والشذوذ والعادة السريّة لما لها من عواقب وخيمة تهدد مستقبل المراهق. وتطرّق الكاتب هنا إلى حادثة حصلت في زمن الرسول صلّ الله عليه وسلّم حينما جاءه شاب يريد الزنا، فسأله إن كان يرضى ذلك لأمه أو لأخته، فأجابه بالرفض، فلم ينهر الرسول أو ينكر عليه شهوته، وإنما وضع يده الكريمة على صدره ودعا الله تعالى بأن يهدي قلبه. فقام الشاب وما شيء أبغض إلى قلبه كالزنا. وفي هذه الحادثة درس للأهل على التحاور مع ابنهم وعدم تركه يبحث عمّا يريحّه دون إرشاد. إضافة إلى نصحه في الابتعاد عن المثيرات كالاختلاط غير المبرر والخلوات ومشاهدة الإباحية وغيرها، ومصاحبة الصالحين والمداومة على الذكر والصوم والقراءة. وأما بالنسبة للشباب في الخارج، فبيّن الكاتب أن كثيرا منهم وقعوا في الزنا والحل بالنسبة لهم هو الإسراع بتزويجهم. فكما يبيع الأهل ممتلكاتهم لتعليم ابنهم فعليهم بذلك لتزويجه لا الانتظار إلى أن يكوّن نفسه. ومن الممكن التخفيف من حدة هذه الرغبة الجنسية، بإرشاد المراهق إلى ضرورة الاهتمام ببناء مستقبله بالتفكير الآن في برنامج لتطوير مختلف مهاراته، وتشجيعه على ممارسة مختلف الرياضات والهوايات والتي سبق وتم ذكرها. ومن المهم تزويجه إن كانت الإمكانيات موجودة. فكما قال جورج بالوش في كتابه (حياتنا الجنسية)، أن الحل الأمثل لحل مشكلة الزنا هو الزواج المبكّر. ولكن في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها الشبان وعزوفهم عن الزواج، من الممكن اتباع الطرق الأخرى. وبالنسبة إلى الشذوذ الجنسي، فقد بيّن الطبيب كيف أن لها مسببات ومن المستحيل أن ينشأ الفرد شاذا جنسيا. وأهم تلك الأسباب هو الأسرة، إما أن تكون الأم عاطفية بشكل مبالغ أو أن الوالد متسلط، فيشكّل الابن صورة مشوهة عن الجنس الآخر ويرفضه ويلجأ إلى من هم في جنسه للممارسة والاستمتاع. وبين الطبيب أن الحل هو زيادة الوازع الديني والأخلاقي والعلاج بالأدوية الخاصة بالاكتئاب أو القيء لينفر المراهق من ممارسة الشذوذ. ولا يكتمل العلاج دون وجود تعويض وهي الممارسة السليمة بالحلال وتحسين علاقته مع والديه. وأما بالنسبة إلى موضوع التدخين والإدمان، فقد بيّن الكاتب أن هناك ثلاثة أسباب تدفع المراهق إلى تعاط أي منها: الإحباط والهرب من واقع الحياة المر، التأثر بأجهزة الإعلام، ومجاملة الأصدقاء. وللوقاية والعلاج يجب تحاور العقل معه من ناحية تدمير الإدمان للصحة وللموارد المادية وللمستقبل. وهنا أضيف إحدى الطرق التي شرحها أنتوني روبنز في كتابه (أيقظ قواك الخفية) وفيه شرح كيف أنّه تمكّن من حماية أبنائه من الوقوع في شرك الإدمان باصطحابهم إلى أماكن المتعاطين لينظروا بأعينهم حالهم من القذارة والانحطاط الجسدي والنفسي التي يعيشوا فيها فلم يقربوا أي مخدر. فمن الممكن اصطحاب المراهق إلى السجون أو المستشفيات والتي فيها ضحايا الإدمان للاعتبار والوقاية. وذكر الكاتب أن المخدرات أخطبوط يجب أن تتخذ جميع فئات المجتمع التدابير للتخلّص منه، ومنها العقوبات الرادعة للمروجين والموردين. أما المتعاط فيجب الإسراع بعلاجه عند المختصين وعدم إهماله. وجعل موضوع الحب والزواج ختمة كتابه. وفيه بيّن أن قصص الحب بين المراهقين جميعها تسلية وحتى الزواج العرفي فيها هو غش واحتيال على البنات. ودعا المراهقات إلى ضرورة التركيز على الهوايات والأنشطة وتعلّم الأشياء المفيدة لتغيير الروتين وملئ الفراغ بدلا من تلك العلاقات. إضافة إلى تأجيل عمل أي ارتباط مع الجنس الآخر، كون الحب والزواج أساس المجتمع وليس فقط علاقة بين فردين، كما أنها تشمل ترابط عائلتين معا، فيجب أن تحذر البنت من حيل الإغواء من بنات المدرسة أو الشباب لئلا تقع ضحية انتظرت طويلا لمن ظنته فارس أحلامها، إلّا أنّه تركها وتزوّج بغيرها. وبالأخير أود تسليط الضوء على تفاقم مشكلة المراهقين في الخارج وخاصة في أمريكا إلى درجة استحداث برامج للتدخل لحل أزمة عدوانهم على أهاليهم، بحيث تقوم تلك البرامج بأخذ المراهق عنوة من بين والديه والابتعاد به إلى معسكرات لتدريبه على حسن التعامل مع أهله ولأيام طويلة. إلّا أنّه تم اكتشاف سوء العواقب على نفسية المراهق بعد رجوعه نتيجة التعامل المريع معه والصرامة المفرطة وعدم الاكتراث لمشاعره ونفسيته في تلك البرامج. فكثيرا منهم يعاني من القلق والكوابيس وحتى منهم من مات في تلك المعسكرات، إضافة إلى الشعور بالحقد على والديه للسماح بتلك البرامج بالسيطرة عليه بذلك الشكل، وغيرها. وهذا دليل على أن أفضل الطرق للتعامل مع المراهق هي ما أشار إليها الكاتب: الاحتواء، التحاور، التشجيع، ممارسة الهوايات والأنشطة، وبناء برنامج لتحقيق المستقبل والبدء بتنفيذ أولى خطواته. ولكن هذه الأمور لن تكون سهلة في المجتمعات المفككة والتي تخلو من وجود الوالدين أو أحدهما، سواء بانشغالهم أو انفصالهم عن الاهتمام ومتابعة الأبناء وخاصة المراهقين. |
تتميز هذه الصفحة بملخصات للكتب القيّمة مع التحليل الشخصي والإضافة والنقد لها
Archives
May 2021
Categories |