قراءة في كتاب (تحفيز طفلك) للكاتبة إليزابيث بروير
Motivating Your Child – Elizabeth Brewer بقلم إشراق عرفة . يتحدث الكتاب عن كيفية مساعدة الطفل على عمل ما يحبه من خلال تشجيعه وفهم احتياجاته والاستماع له، من دون الفرض أو الضغط عليه، أو تحسيسه بأنه أقل من الآخرين. وهو يشرح الطرق المختلفة في تحفيز الطفل، ويتألف من ثلاثة أقسام رئيسة، وهي: مفهوم التحفيز والنظريات المتعلقة به في البيت والمدرسة والرياضة، مبادئ التحفيز الأربعة عشر، وتجديد التحفيز. القسم الأول: مصطلح التحفيزبداية، على الأهل إدراك أن التحفيز الناجح لا يأتي إلا بعد إشباع حاجات الطفل الأساسية من الطعام والشراب والراحة والنوم. فالطفل الجائع التعب لا نتوقع منه القدرة على أي إنجاز. وليست تلك هي الاحتياجات الوحيدة للطفل التي ينبغي إشباعها له قبل أن يتمكّن من التعلم والإنجاز، وإنما هناك ثلاثة حاجات أخرى تتعلق ببيئة المنزل وتعامل الأهل معه، وهي: 1. الشعور بالأمن والأمان، فإن كان الطفل يتعرض للإهانات الجسدية او اللفظية أو الشعور الدائم بالقهر وأنه تحت رحمة الآخرين، فإن ذلك سيجعله غير مبال بنفسه، وسيعرضها للعديد من الأخطار التي تهدد سلامته وصحته وذلك في محاولة منه للشعور بسيطرته على نفسه وقدرته على التحكم بها كما يريد. 2. تقدير الذات من قبل الأهل، وتتحقق باحترام الأهل لطفلهما والاستماع إليه والتقليل من انتقاده، إضافة إلى مدحه وتقديره عند قيامه بأمر جيد. 3. الاستقلالية والحكم الذاتي، وذلك من خلال إعطاء الطفل حرية الاختيار، وإعطاءه المجال لإنجاز المهمة بالوقت المناسب والطريقة التي يريدها. ثانيا، بعد إشباع حاجات الطفل السالفة الذكر، تبدأ عملية التحفيز. ولكن يجب على الأهل معرفة معنى التحفيز وطرقه ليتمكنوا من تحفيز طفلهم. أ. مفهوم التحفيزيشمل مفهوم التحفيز على الشعور بقيمة النفس، واليقين بالقدرة على الإنجاز، وعدم الخوف من الفشل. فعلى الأهل عدم تحسيس الطفل بالخزي أو العار أو تأنيب الضمير عند ارتكابه للأخطاء، وذلك بالسماح له بارتكاب عدد معين منها. إذ من دون التوجيه والقدرة على التعلم من أخطائه، سيقوم الطفل بالامتناع عن التعلم والانسحاب والانطواء. وعملية التحفيز ليست بسيطة، وإنما تنطوي على خمس خطوات، وهي: 1. تحديد الهدف المراد تحقيقه: فيجب على الطفل معرفة ما المطلوب منه تحقيقه بشكل واضح وبسيط، والذي يتم بالتعاون مع أهله في تعريفه وتحديده. 2. المهارات اللازمة لتحقيق الهدف: فلا يجب أن نتوقع من الطفل القيام بالكتابة وهو لا يعرف مثلا كيف يمسك بالقلم أو شكل الأحرف. فاليأس والخذلان يأتيان من وجود أهداف تفوق مهارات الطفل وبالتالي الفشل في تحقيقها. ومن المهم عدم استخدام أسلوب المقارنة أبدا بين الأطفال. فلكل طفل قدرات فردية يتميّز بها عن غيره. وفي حال تم مقارنته مع غيره لن يتحقق لديه الرضى الذاتي وسيشعر بالخزي وستختفي شجاعته في تنفيذ أية مهام. 3. التخطيط للوصول إلى الهدف: وذلك من خلال الالتزام بالوقت والجهد للوصول إلى الهدف. ويتم مساعدة الطفل على تعلّم التخطيط من خلال إشراكه في تنفيذ أعمال المنزل، وبتعليمه الالتزام بروتين يومي يشمل مثلا ترتيب سريره وأغراضه الشخصية – وهذا ما تمت الإشارة إليه مسبقا في كتاب الصحة النفسية للمراهقين بأن إعطاء الابن مهام منزلية من شأنه أيضا زيادة الشعور بأهميته وبثقة الأهل فيه وبقدرته على الإنجاز، مما يزيد من تقدير ذاته وثقته بنفسه. 4. تطبيق الخطة: وذلك من خلال تشجيع الأهل لطفلهم ومساعدته عند وجود أي عائق. 5. النجاح: فالنجاح يولد النجاح ويزيد من ثقة الطفل بنفسه، ويرغب حينها بإنجاز أهدافا أخرى. ومن الضروري ثناء الأهل على طفلهما عند نجاحه في المهمة، وبالعديد من الطرق، منها: الكلام التشجيعي، المدح، وضمه وتقبيله مع إعلامه بأنه قد نجح فعلا وحقق الهدف. وهذا سيساهم في زيادة تقديره لذاته، ومن ثقته بنفسه لأنه أدرك أنه قام بشيء جيد استحق عليه كل ذلك الثناء مما يحفزه لتحقيق أهدافا ومهاما أخرى ليستحق عليها الثناء. – ويفضّل عدم الاعتماد على الهدايا المادية كمكافئات للطفل عند نجاحه، لأنه سيمل منها. وهناك الكثير من البدائل عنها، مثل المشاركة في رحلة مع أصدقائه، أو مرافقة الأب في التسوق، أو استضافة أصدقائه في المنزل وهكذا، المترجمة -. ب. نظريات التحفيزأولا – البيتإن نظرة الأهل للطفل لها دور كبير في طريقة التعامل معه. فعلى الأهل التفكير في نظرتهم لطفلهم هل يرونه متكاسلا وغبيا أم ذكيا ومجتهدا؟ وهل هو خامل أم لديه مهارات كامنة؟ وبذلك يتم تحفيز الطفل تلقائيا انطلاقا من تلك النظرة. ثانيا – المدرسةعلى الأهل إدراك أن لهم دور هام في العملية التعليمية تكتمل مع دور إدارة المدرسة والمعلم، فبرؤية الطفل اهتمام الأهل بمدرسته ومتابعته مع أساتذته من شأنه أن يؤثر ذلك عليه إيجابيا فيأخذ حياته فيها بجدية أكثر. ويجب أن تكون بيئة التعليم آمنة وداعمة وإيجابية للطفل، وبعيدة عن الصرامة والشدة. وعند شعور الطفل بالأمان في المدرسة سيصبح حينها راغبا في التعلم. وفي استفتاء للطلبة حول ما يحفّزهم على التعلّم كانت النتيجة بتوفّر الأمور التالية داخل المدرسة: 1. معدات وأدوات جديدة غير تالفة أو مستهلكة. 2. السمعة الطيبة للمدرسة. 3. تطبيق الأنظمة والقوانين. 4. نظام المكافئات للناجح. 5. أسلوب تعليم إيجابي وتشجيعي. ومن الجدير بالذكر أن هناك أمورا تؤثر سلبا على التحصيل الأكاديمي للطفل حال غيابها، وهي: القدرة على الاستماع الجيد، والتركيز، والتذكّر. فعندما يرفض الطفل لأن يسمع في بعض الأحيان، يكون ذلك بسبب عدم فهمه لما يُقال له أو لعدم شعوره بالأمان والثقة بنفسه. ويمكن تطوير عملية الاستماع لديه من خلال التواصل الجيد معه. مثل القراءة له، التكلم معه بشكل إيجابي، وإسماعه ما يحب من الأناشيد والموسيقى. أما فقدان التركيز لدى الطفل، فهو نتيجة عدم قدرته على الاستماع. أما الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة الزائد فيجب عرضهم على مختص لعلاج تلك المشكلة والتي تتسبب لهم بقلة التركيز وصعوبة التعلّم. أما المشاكل التي تتعلق بالذاكرة فتكون غالبا بسبب خلل عاطفي عند الطفل. فهو يميل إلى نسيان ما يزعجه. كما أن صعوبة فهمه من شأنه منعه من تذكر الدرس. ويمكن تحفيز ذاكرة الطفل بحسب سنه. فمثلا: يمكن للأهل مراجعة ما حصل له خلال اليوم في المساء، واستخدام ألعاب التذكر. أما المراهقين فيمكنهم الاستعانة بالملاحظات اللاصقة للتذك. – أو تطبيق التذكير Reminder في الهاتف الذكي، المترجمة-. كما ومن شأن المداومة على قراءة كتب معينة للطفل، وتشغيل الأناشيد المفضلة له لما لها دور في تحفيز الطفل على حفظها وتذكرها. ثالثا – الرياضةيتم تحفيز الطفل من خلال ممارسة الأنشطة الرياضة عندما يشعر باحترامه بسبب مهارته فيها. ويتم زيادة تقديره لذاته بتنمية مهارات مميزة عن غيره فيها. وعندما يظهر على الطفل علامات السأم من رياضة ما، فيتم إما زيادة التحدي فيها أو تعليمه مهارات جديدة. القسم الثاني: مبادئ التحفيز الأربعة عشرالأول – البدء بما هم عليه وليس بما نريدهم أن يكونوايختلف كل طفل عن الآخر، وبالتالي يجب على الأهل إدراك نقاط القوة في أطفالهم وتطويرها – وهذا ما ذكرته الطبيبة النفسية سوزان هوكسيما في كتابها (النساء اللواتي يبالغن في التفكير) حول إحدى الأمهات التي كانت تشتكي تأخر ابنها بالحساب وشغفه فقط في الرياضة، مما جعلها تسأل المعلمة أن تضع له مسائل حسابية حول الرياضة فكان أن نجح فيها، المترجمة-. وهذا من شأنه أن يجنّب الأهل الحكم المسبق على طفلهم. الثاني – مساعدتهم على حب أنفسهموذلك من خلال توفير بيئة مليئة بالحب والدعم داخل المنزل. مثل تخصيص الوقت مع الطفل، وتجنب إهانته، وتقدير آرائه وأفكاره، ومدحه عند إنجازه، والتواصل والحوار الدائم معه، واحترام احتياجاته، والثقة به، والاهتمام بمستقبله. الثالث – الدعم والتشجيع وليس الدفع والتحكم.يتم دعم الطفل من خلال إظهار الاهتمام به والاستماع إليه، وفهمه ومساعدته في اتخاذ القرارات. أما التشجيع فهو بإظهار الحماس له والثقة والإيمان به، ومنحه المكافئات عند نجاحه. أما الدفع الذي يجب تجنّبه، فهو عندما يقوم الأهل بإنجاز المهام بدلا عن طفلهم أو عند إعطاءه وقتا أقل مما يحتاجه لإنجاز شيء ما. إضافة إلى إشعاره بأنه مراقب طول الوقت، وإعطاءه نصائح دون أن يطلبها، وانتقاده الدائم، وتصيد أخطاءه. الرابع – المدح والمكافأة لتحقيق حاجة الطفل إلى الظهوريجب مدح الطفل عند إنجازه وليس فقط انتقاده. ولا ننتظر لمدحه أن يكون جيدا في كافة الأشياء، فنجاحه في أي شيء مهما كان صغيرا يستحق عليه المدح والمكافأة. وهذا ما سيجعله يدرك أهمية جهده وأنه ملاحظ من أهله ومقبول لديهم. الخامس – إيجاد بيئة آمنة تسمح للطفل بارتكاب الأخطاءفي انعدام البيئة التي تحتمل عددا من الأخطاء، فإنها ستجعل الطفل يميل إلى الكذب وإلى استخدام أسلوب الهزل والغش واللف والدوران ليحمي نفسه من اللوم والعقاب. والحل يكون لدى الأهل بضبط الأعصاب، وبمحاولة معرفة سبب خوفه للجوئه إلى الكذب، وبتغيير التفاعل معه ليتوقف عن الكذب. إضافة إلى التحاور والتفاهم معه بهدوء بأن ما يفعله أمر خاطئ، ومحاولة زيادة تقديره لذاته كما تبين سابقا. ويجب أن يخطأ الطفل ليتعلم ويتطور. وإلا فإن إنكاره للخطأ بسبب الخوف من العقاب سيؤخره عن عملية التعلم والنمو. السادس – بناء الثقة من خلال الكفاءةوذلك بتعليم الطفل كيفية الاعتماد على نفسه كون ذلك سيساهم في شعوره بالسيطرة على حياته وأنه كفؤ لذلك. وهذا بدوره سيساهم في زيادة ثقته بنفسه وتحفيزه. ومن الأمور التي يمكن تعليم الطفل القيام بها لوحده هي العناية الشخصية والمساعدة في أعمال المنزل وحل واجباته المدرسية لوحده. السابع – أداء مهام صغيرة في بيئة مرحةلا يجوز للأهل التملص من تربية الطفل وتعليمه وترك ذلك على المدرسة. إذ يقع عليهم الجزء الأكبر في تحبيب الطفل بالواجبات المدرسية من خلال إيجاد البيئة المناسبة لها، وبمساعدته من خلال تقسيمها إلى مهام صغيرة يمكن إنجازها. – وهنا أذكر والدتي وهي تخبرنا عن أختي كيف كانت تبكي عند درس الحفظ، فكانت والدتي حفظها الله تخبرها بكيفية تقسيم الصفحة إلى فقرات صغيرة تحفظها واحدة تلو الأخرى وبذلك تنتهي من درس الحفظ، المترجمة-. ومن الأمور التي تساهم في إيجاد البيئة المرحة استخدام ما يحبه الطفل في تعليمه. كالفاكهة والحلويات والألعاب عند تعليمه العدّ والحساب، واستخدام التطبيقات التعليمية على الحاسوب والهواتف الذكية ولكن بشكل مقنن لئلا يفقد الطفل فرصة التفاعل مع عالم الواقع وتنمية مختلف مهاراته. الثامن – التشجيع على تحمّل المسؤوليةمن خلال إعطاء الطفل الفرصة لاختيار طريقة إنجاز المهمة بشرط الالتزام فيها. مثل توقيت أداء الواجبات المدرسية، أو باختيار كيفية الاستمتاع بوقت الراحة. التاسع – التحديمن طبيعة الطفل السأم بسرعة، وخاصة من أداء الواجبات السهلة، ويشعر أنها تقلّ من شأنه. لذلك على الأهل والمعلّم زيادة حماس الطفل من خلال التدرّج في صعوبة المهام ليشعر بلذة النجاح عند إنجازها. العاشر – إدارة النجاحويكون ذلك بعدم سرقة النجاح من الطفل بإخبار الجميع عنه دون موافقته. أو عند التفضّل عليه بذلك. الحادي عشر – إدارة الفشلوذلك بعدم مقارنته مع الآخرين عند فشله، واحتمال عدد من أخطائه مع تجنّب إهانته وتحسيسه بالذنب والعار. ويتم التعامل مع الفشل بتوضيح خطأه وتشجيعه على إعادة المحاولة. الثاني عشر - التعامل مع الفضول والأسئلةيفضل دوما تشجيع فضول الطفل ليتمكّن من اكتشاف العالم من حوله. ولا يجب إسكاته عند محاولته السؤال أو الاستفسار، وإنما تشجيعه على التفكير في الإجابة أو البحث عنها، أو الإجابة بشكل مبسّط تلائم عمره. الثالث عشر – تشجيع الإبداعوذلك بتوفير الألعاب الخاصة بذلك للطفل، كالرسم والتلوين وإنشاء الكلمات، وتشجيعه على التفكير عند القراءة له أو أثناء مشاهدة التلفاز. الرابع عشر – التساهلمن خلال عدم فرض أسلوب معيّن على الطفل عند حلّه للواجبات. فإن أراد القيام بذلك على الكرسي أو جالسا على الأرض فليكن له ذلك. إضافة إلى تخصيص وقت كاف له لإنجاز المهام المنزلية من دون التضييق عليه، والتحاور الدائم معه والاستماع له ومشاركته عواطفه، والتقنين من التلفاز بدلا من الحرمان. القسم الثالث: تجديد التحفيزيتعرض الكثير من الأطفال إلى أزمات تجعلهم يرتكبون الكثير من الأخطاء ويتأخرون أكاديميا، وعلى الأهل قبل معاقبتهم محاولة فهم الأسباب التي أدت إلى تراجعهم بذلك الشكل. فهل هو مثلا بسبب فقدانهم لصديق أو لحصول الطلاق أو لتغيير المسكن أم لتعرضهم لمشاكل في المدرسة، وعندها يجب إعطاء الطفل الوقت الكاف للتأقلم وعدم الضغط عليه. ومن جانب آخر هناك التأثير السلبي الذي يأتي من بعض أصدقائه. كالتسيب من المدرسة والعصيان وغيرها والتي فيها يظن الطفل أنه بمجاراتهم سيكون محبوبا. وهنا يجب على الأهل توضيح معنى الصداقة لطفلهم، وبضرورة احتفاظه بشخصيته وألا يذوب في شخصيات الآخرين لنيل محبتهم وتقديرهم. ويمكن وقاية الطفل من ذلك من خلال مبادرة الأهل في التعرف على أصدقاءه. مثل دعوتهم إلى المنزل ومحاورتهم وعمل مختلف الأنشطة لهم لمعرفة أفكارهم وميولهم وثقافتهم. وفي حال كان الطفل يعيش أزمة في مدرسته بسبب تعرضه للإهانة والإيذاء اللفظي أو الجسدي من بقية الطلاب أو ما يسمى بالتنمر Bullying، حينها يجب على الأهل التدخل الفوري ومخاطبة إدارة المدرسة لمعالجة ذلك. إضافة إلى التحاور مع بقية الأهالي لتبادل الخبرات حول التعامل مع تلك المشكلة. ومن الجدير بالذكر عدم تشجيع الطفل على مواجهة التنمر بالعنف، كون العنف لا يجلب إلا مزيدا من العنف. . الرابط في الجريدة http://omandaily.om/?p=356063 . |
تتميز هذه الصفحة بملخصات للكتب القيّمة مع التحليل الشخصي والإضافة والنقد لها
Archives
May 2021
Categories |