قراءة في كتاب العادات السبع لأكثر الناس كفاءة - ستيفن كوفي
(من أفضل الكتب مبيعا / بيعت منه أكثر من 15 مليون نسخة حول العالم) بقلم إشراق عرفة يتحدث الكتاب عن ضرورة امتلاك سبعة عادات لمن يريد تحقيق الاستقلالية والفردية والنجاح في حياته الشخصية والعائلية والمهنية، وعلى مستوى الأفراد والشركات. وهذه العادات من شأنها مساعدة المرء على حل مختلف المشكلات العصرية التي يعاني منها في حياته الشخصية والعائلية والمهنية. مثل التوتر وضغط العمل، وتمرّد الأبناء، وانعدام إخلاص الموظفين وقلة كفاءتهم، وعدم القدرة على تفهّم احتياجات الزوجة. وقسّم الكاتب تلك العادات إلى قسمين: الأول وفيه العادات المتعلقة ببناء الشخصية القوية من خلال تبني أسلوب عيش يطابق القيم والمبادئ الخاصة بالفرد أو الشركة، ومن ثم كتابتها وتنفيذها. والقسم الثاني يبيّن العادات المتعلقة ببناء العلاقات الناجحة مع العالم الخارجي من خلال تطوير مهارات الحب والاستماع للطرف الآخر، سواء كان ابن أو موظفين أو شركاء في العمل أو إن كانت الزوجة. وذلك لتحقيق مصلحة كلا الطرفين ومن ثم القدرة على التعاون مع الآخر لتحقيق نتائج أفضل على الصعيد الاجتماعي والمادي والمهني. بناء الشخصية الريادية وفيها يتطرق الكاتب إلى ضرورة قيام كل فرد بإعادة النظر في سير حياته والتأكد من أنها تطابق مبادئه وقيمه. فهو يشبّه الشخص المستقل الناجح بالمبرمج الناجح. فالمبرمج وحده من يملك القدرة على كتابة البرنامج (أي القدرة الفردية على إدارة الحياة الشخصية)، ومن ثم كتابته (القيم والمبادئ الخاصة) ومن ثم تنفيذه (إعادة ترتيب الأولويات بما يناسب تلك القيم والمبادئ). وبذلك تتحقق أولى العادات الثلاث لأكثر الناس كفاءة. وبالتالي التمتع بالنجاح والسعادة، ليس فقط على المستوى الفردي فقط وإنما على صعيد الأسرة والعمل أيضا. ويأتي ترتيب الأولويات بالقدرة على إدارة الوقت وعدم إغفال أهمية المهام غير المستعجلة الضرورية لسعادة الشخص؛ وأهمها العمل على إنشاء علاقات دائمة مع العائلة من زوجة وأطفال ووالدين وأقربين. فقد بيّن الكاتب أن كثير من الناس تفني وقتها في إنجاز المهام المستعجلة متغافلة عن أهمية تحديد وقت للعلاقات الاجتماعية وللنفس. وهذا ما يؤدي إلى تراكم المشاكل الصحية والاجتماعية وعدم التمتع بالقوة والراحة والاستمتاع برفقة الزوجة والأبناء. وأشار الكاتب إلى أهمية الإشباع العاطفي للفرد واستقلاليته ليتمكّن من أن يكون مبادرا في حياته وفاعلا وليس متأثرا أو مبالغا في ردة فعله. فالقائد ليس كالمدير. فالأول يملك نظرة شمولية واستراتيجية، والثاني يملك القدرة على التحليل والإمعان في التخطيط والتنفيذ. والريادي بشخصيته من يستطيع أن يكون قائدا ومديرا في نفس الوقت. أي يتمكن من تحديد استراتيجية لحياته وأن يدير وقته ومهامه لتحقيقها. وهذه العادات الثلاث يمكن تبنيها من قبل الشركات إلى جانب الأفراد. فمثلا، في حال اشترك جميع أفراد الأسرة على مبادئ التعامل فيما بينهم لسهلت الحياة داخل المنزل ولقلت المشاكل. وذلك بمعرفة حقوق وواجبات كل فرد فيها على الآخر. وذات الشيء بالنسبة للعمل. فالشركة القادرة على كتابة مهمتها التي تلخّص مبادئها وأهدافها وبالاشتراك مع موظفيها، سيسهل حينها تنفيذ المهام في الوقت والشكل المطلوب وتحقيق الربح المراد. فيجب دائما توضيح شكل المراد للآخرين وكيفية تحقيقه؛ سواء كانوا أفرادا في عائلة واحدة أو موظفين داخل شركة ما. بناء العلاقات الناجحة أشار الكاتب في هذا القسم الأخير من كتابه إلى أهمية بناء علاقات ناجحة مع العالم الخارجي ليتمكّن الإنسان من تحقيق سعادته. وذكر تحديدا ما أمرنا به الرسول e بقوله: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبّ لنفسه)، والتي ترجمها الكاتب بضرورة التواصل الدائم مع الآخر لتحقيق علاقة نجاح لكلا الطرفين (win - win). وذلك سواء كان على الصعيد الشخصي كالزوج مع زوجته أو رجال الأعمال مع بعضهم البعض أو المدير مع الموظفين وهكذا. وأشار بشكل متكرر إلى أهمية تبادل الاحترام والثقة والنزاهة والألفة مع الآخر. كونه حينها يصبح كلا الطرفين أكثر انفتاحا لرأي الآخر والأخذ بها في عين الاعتبار عند المناقشة. وشدد على ضرورة النزاهة كأساس للثقة ومنها إلى الصداقة. وهذا ما بيّنه الرسول e بتحريمه الغش والاحتيال بقوله: (من غشّنا فليس منا). بعد ذلك، أشار إلى أهمية محاولة فهم الآخر بالاستماع الجيد له والمتعاطف معه. وذكر أن كثير من الناس في أيامنا هذه تأخذ موقف الدفاعي حين تستمع لوجهة نظر الآخر. وهذا أمر ليس بالسليم وسيعرقل محاولة الوصول إلى علاقة النجاح أو (win - win) وبالتالي عدم القدرة على معالجة مختلف المشكلات. وللتوصل إلى الاستماع الجيد، بيّن الكاتب أهمية ضبط النفس ومحاولة فهم الآخر والجديّة في فهمه ليتمكّن بعدها من التوصل إلى حل يرضي كلا الطرفين وليس أحدهما على الآخر (win – lose) أو (lose – win). كون تلك العلاقتين من شأنهما منع تدمير العلاقة مع الطرف الآخر وعدم الرغبة بالتواصل معه لاحقا. ولذلك نجد أن الإسلام أمر بالتعاون بقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) وأيضا وصف الرسول e المسلمين بالبنيان المرصوص وبالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وبعد الاستماع الجديّ والمتعاطف ومحاولة الوصول إلى حل يلائم الطرفين يأتي موضوع التعاون. وهو أمر هام للشركات التي تسعى إلى التنافس مع غيرها. وهنا أستذكر اتحادات الزيباتسو اليابانية في قراءتي السابقة لكتاب (اليابانيون). والتي فيها يقوم الموظفون من مختلف الشركات على العمل معا من أجل تطوير تقنيات قوية قادرة على منافسة العالم الخارجي. ومع محاولة فهم الآخر والاستماع الدائم له والتعاون معه، يبيّن الكاتب العادة الأخيرة لأكثر الناس كفاءة، والتي تتمثل بضرورة التوازن في تلبية الاحتياجات الجسدية والروحية والعاطفية والاجتماعية للفرد. فمثلا، يجب عدم إغفاله لأهمية تناول الغذاء الصحي وممارسة الرياضة يوميا، والاهتمام بالجانب الروحي لشخصيته والذي ذكرته بالتفصيل في مقالة سابقة لي عن (غذاء الروح)، والتي تتحقق بمداومة الصلاة والدعاء وبمجالسة الصالحين وبالتأمل. وبذلك نجد الحكمة من حثّ الرسول e المسلمين على الاهتمام بالجسد والروح معا بقوله e: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف). وأخيرا، يجمع الكاتب بين تلبية الاحتياجات الاجتماعية مع العاطفية كون الأخيرة تتحقق ببناء مختلف العلاقات مع الآخرين. وبذلك يصبح المرء بتحقيقه لهذا التوازن قويا قادرا على التفكير السليم واتخاذ القرارات الصحيحة ومعالجة مختلف المشكلات التي تواجهه. |
تتميز هذه الصفحة بملخصات للكتب القيّمة مع التحليل الشخصي والإضافة والنقد لها
Archives
May 2021
Categories |